الأربعاء، 18 يناير 2012

- 2 - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح



هنا نأتي لموضوع مهم وفقرات قد إقتبسناها من كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الاسلام بن تيمية رحمة الله عليه وقد أُلَّف هذا الكتاب في القرن السابع الهجري أي قبل أكثر من سبعمائة عام من الآن ,ما أريد الإشارة له هنا أن هذا الكتاب وما فيه من نصوص يُثْبِت بما لا يدع مجالاً للشك أن التحريف والتبديل والتغيير مستمر من عهد قديم وهو مستمر إلى الآن وكلما ظهرت نسخة جديدة من الكتاب المقدس تجد فيها من التحريف والتبديل والتغيير واللعب بالألفاظ ما يَندى له الجبين وقد أثبتنا ذلك في الباب الأول من هذا الكتاب (كتاب البيان ) (باب التحريف ) .

هاهنا ستجد الكثير من النبوؤات عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في العهد القديم وفي العهد الجديد منها ما هو باقي ومنها ما قد رُفع من الكتاب , والشيخ يذكر الكثير من النصوص كانت موجودة في كتاب هؤلاء القوم ورُفعت أو بُدِّلت أو غُيّرَت فلا نجدها الآن وهذا من أكبر الأدلة على التحريف فليس كتاب الشيخ بن تيمية وحده هو من إستشهد بهذه النصوص ولكن كُتَّاب كثيرين من النصارى أنفسهم قد ذكروا أمثال تلك النصوص وهم كُتّاب من القرن الرابع عشر الميلادي والخامس عشر وتُرّجِمت إلى العربية ككتاب العائلة المقدسة وهو كتاب مشهور في الكنائس راجع النصوص الواردة فيه وطابقها بما بين أيدينا الآن من الكتاب المقدس لتجد نصوص بكاملها يستشهد بها كاتب الكتاب وهي غير موجودة اساساً في الكتاب المقدس فأين ذهبت تلك النصوص ومن أعطاهم الحق أن يرفعوها من الكتاب ؟ وإذا أراد من يطبعون الكتاب أن يدلسوا على الناس جاءوا على هذه النصوص وكتبوها بالمعنى حتى لا يبحث الناس عنها في الكتاب ولا يجدوها إنه لأمر عجيب حقيقةً, فنحن أمام أمران إما أن هؤلاء المؤلفين كانوا يكذبون على الناس وأن هذه النصوص لم تكن موجودة أساساً في الكتاب المقدس وهذا مستحيل فقد كتبوا مؤلفاتهم في عصرهم وفي زمانهم من قرأها وبالتأكيد قد راجعوا تلك النصوص ولم ينكر عليهم أحد ولم يقل أنكم إستشهدتم بنصوص غير موجودة في الكتاب وإما أن النصوص كانت موجودة بالفعل ولكنها حذفت من الكتاب لأسباب معينة يعلمها الجميع .
لقد أوردت فقرات من كتاب شيخ الإسلام بن تيمية كما هي ولكن كل ما سأفعله هنا هو أني سأضع النصوص التي يستشهد بها الشيخ بن تيمية, هذا إن كانت ما زالت باقية حتى الآن في الكتاب سأضعها مُرَّقَمة حسب الإصحاحات والفقرات والأعداد بالطريقة المعروفة لدى الجميع الآن حتى يسهل على كل من يقرأ هذا الكتاب (البيان ) أن يراجع هذه الفقرات في الكتاب المقدس , ويبدوا انه في أيام الشيخ لم يكن الكتاب مُفَهرس ومُرّقَم بأرقام الأعداد والاصحاحات , أعاننا الله وإياكم على الخير .
يقول الشيخ بن تيمية في كتابه ما نصه :
والوجه الثالث نفس إخباره بذلك في القرآن مرة بعد مرة واستشهاده بأهل الكتاب وإخباره بأنه مذكور في كتبهم مما يدل العاقل على أنه كان موجودا في كتبهم فإنه لا ريب عند كل من عرف حال محمد - صلى الله عليه وسلم - من مؤمن وكافر أنه كان من أعقل أهل الأرض فإن المكذبين له لا يشكون في أنه كان عنده من الخبرة والمعرفة والحذق ما أوجب أن يقيم مثل هذا الأمر العظيم الذي لم يحصل لأحد مثله لا قبله ولا بعده فعلم ضرورة أنه لا يفعله ولا يخبر به وهو من أحرص الناس على تصديقه وأخبرهم بالطرق التي يصدق بها وأبعدهم عن أن يفعل ما يعلم أنه يكذب به * فلو لم يعلم أنه مكتوب عندهم بل علم انتفاء ذلك لامتنع أن يخبر بذلك مرة بعد مرة ويستشهد به ويظهر ذلك لموافقيه ومخالفيه وأوليائه وأعدائه فإن هذا لايفعله إلا من هو أقل الناس عقلا لأن فيه إظهار كذبه عند من آمن به منهم عند من يخبرونه وهو ضد مقصوده وهو بمنزلة من يريد إقامة شهود على حقه فيأتي إلى من يعلم أنه لا يكذب ويعلم أنه ليس بشاهد ولا حضر قضيته ويقول هذا يشهد لي وهذا يشهد لي * فإنهم كانوا حاضرين هذه القضية فيقول أولئك لسنا نشهد له ولا حضرنا هذه القضية فهذا لا يفعله عاقل يعلم أنهم لم يكونوا حاضرين وأنهم يكذبونه ولا يشهدون له *
الرابع أن يقال لما قامت الأعلام على صدقه فقد أخبر أنه مكتوب في الكتب المتقدمة وأن الأنبياء بشروا به علم أن الأمر كذلك لكن هذا لا يُذكر إلا بعد أن يقام دليل منفصل على نبوته .
* والطريق الأول هو من أظهر الحجج على أهل الكتاب وأظهر الأعلام على نبوته * وقد استخرج غير واحد من العلماء من الكتب الموجودة الآن في أيدي أهل الكتاب من البشارات بنبوته مواضع متعددة وصنفوا في ذلك مصنفات وهذه البشارات في هذه الكتب ( هنا أريد أن أشير إلى أن مايقوله الشيخ عن أنه غير واحد من العلماء قد إستخرجوا النبوؤات بالنصوص عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب الموجود بين أيدي اهل الكتاب في زمانه وليس هو وحده ولم يحتج أحد من اهل الكتاب على النصوص المستخرجة من الكتاب الذي بين أيديهم ولكنكم سترون العجب إذ أن الكثير من النصوص غير موجودة الان كالتصريح باسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثلا في كثير من الفقرات أيوب2 ) من جنس البشارات بالمسيح * واليهود يقرون باللفظ لكن يدعون أن المبشر به ليس هو المسيح عيسى ابن مريم وإنما هو آخر يُنْتَظَر ,وهم في الحقيقة لا ينتظرون إلا المسيح الدجال وينتظرون أيضا مجيء المسيح عيسى بن مريم إذا نزل من السماء كما بسط في موضع آخر ويحرفون دلالة اللفظ ويقولون إنها لا تدل على نبي منتظر كما قالوا في قوله سأقيم لبني إسرائيل من إخوتهم مثلك يا موسى أنزل عليه مثل توراة موسى أجعل كلامي على فيه * تثنية18عدد 18: اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به (SVD)
قال بعضهم ليس هذا إخبارا بل هذا استفهام إنكار وقدروا ألف استفهام وليس في النص شيء من ذلك * فاليهود يحرفون الدلالات المبشرة بالمسيح وذلك عند المسلمين والنصارى لا يقدح في البشارة بالمسيح بل تبين دلالة النصوص عليه وبطلان تحريف اليهود * وكذلك البشارات بمحمد - صلى الله عليه وسلم - في الكتب المتقدمة لا يقدح فيها تحريف أهل الكتاب اليهود والنصارى بل تبين دلالة تلك النصوص على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبطلان تحريف أهل الكتاب.
(كما أن النصوص الواردة بعد هذه الفقرة لا تفيد أن الفقرة السابقة تعني الإستفهام ولكنها تؤكد أنه سيقيم وكلمة أقيم هي للمستقبل وليس للإستفهام ومن قال أنها للإستفهام لا يلتفت لقوله لأنه أتبع هذه الفقرة بقوله تثنية18عدد 19: ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي انا اطالبه. فهي لا تفيد التعجب ولا الإستفهام ولكنها تفيد الفعل المستقبل كما هو واضح وقد فصلت الشرح على هذه النبوءة في نفس الباب . أيوب2)
* الوجه الخامس أن يقال معلوم أن ظهور دين محمد - صلى الله عليه وسلم - في مشارق الأرض ومغاربها أعظم حادث حدث في الأرض فلم يعرف قط دين انتشر ودام كانتشاره ودوامه فإن شرع موسى وإن دام فلم ينتشر انتشاره ودوامه بل كان غاية ظهوره ببعض الشام وأما شرع المسيح فقبل قسطنطين لم يكن له ملك بل كانوا يكونون ببعض بلاد الروم وغيرها وكانوا مستضعفين تقتل أعيانهم أو عامتهم في كثير من الأوقات ولما انتشر تفرق أهله فرقا متباينة يكفر فيها بعضهم بعضا * ثم إن شرع محمدe ظهر في مشارق الأرض ومغاربها وفي وسط الأرض المعمورة الإقليم الثالث والرابع والخامس وظهرت أمته على النصارى في أفضل الأرض وأجلها عندهم كأرض الشام ومصر والجزيرة وغيرها ودام شرعه فله اليوم أكثر من سبعمائة سنة. ( يقصد الشيخ رحمه الله حتى تاريخ كتابة كتابه أي في القرن السابع الهجري )
( ومعلوم أن هذه الرقعة من الأرض هي مهد جميع الرسالات السماوية فقد سبق فيها موسى عليه السلام وأتبعه كل من خلفه من الأنبياء ثم المسيح عليه السلام فالمعتبر من الإنتشار هنا هو هذه الرقعة التي هي مهد الرسالات السماوية وعز ملكها فيها ثم جاء بعدهم رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - فكانت هذه الأرض له ولأمته من بعده وهي للإسلام بفضل الله . أيوب 2)
* ومعلوم أن هذا المدعى للنبوة سواء كان صادقا أو كاذبا لا بد أن يخبر به الأنبياء فإنهم أخبروا بظهور الدجال الكذاب تحذيرا للناس مع أن الدجال مدته قليلة فلو كان ما يقوله المكذب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - حقا وأنه كاذب ليس برسول لكانت فتنته أعظم من فتنة الدجال من وجوه كثيرة لأن الذين اتبعوه أضعاف أضعاف من يتبع الدجال فلو كان كاذبا لكان الذين افتتنوا به أضعاف أضعاف من يفتتن بالدجال فكان التحذير منه أولى من التحذير من الدجال إذ ليس في العالم من زمان آدم إلى اليوم كذاب ظهر ودام هذا الظهور والدوام فكيف تغفل الأنبياء التحذير عن مثل هذا لو كان كاذبا * وإذا كان صادقا فالبشارة للإيمان به أولى ما يبشر به الأنبياء من المستقبلات ويخبر به فعلم أنه لا بد أن يكون في الكتب ذكره ثم قد وجد مواضع كثيرة في الكتب تزيد على مائة موضع استدلوا بها على أنه مذكور وتواتر عن خلق كثير من أهل الكتاب أنه موجود في كتبهم وتواتر عن كثير ممن أسلم أنه كان سبب إسلامهم أو من أعظم سبب إسلامهم علمهم بذكره في الكتب المتقدمة إما بأنه وجد ذكره في الكتب كحال كثير ممن أسلم قديما وحديثا وإما بما ثبت عندهم من اخبار أهل الكتاب كالأنصار فإنه كان من أعظم أسباب إسلامهم ما كانوا يسمعونه من جيرانهم أهل الكتاب من ذكره ونعته وانتظارهم إياه وأن من خيارهم من لم يوجب له أن يسكن أرض يثرب مع شدتها ويدع أرض الشام مع رخائها إلا لانتظاره لهذا النبي العربي الذي يبعث من ولد إسماعيل * ولم يمكن أحد قط أن ينقل عن شيء من الكتب أنه وجد فيها ذكره بالذم والتكذيب والتحذير كما يوجد ذكر الدجال وعند أهل الكتاب من ذكر أصحابه كعمر بن الخطاب وغيره وعدلهم وسيرتهم عن المسيح وغيره ما هو معروف عندهم فإذا كان الذين استخرجوا ذكره من كتب أهل الكتاب والذين سمعوا خبره من علماء أهل الكتاب إنما يذكرون نعته فيها بالمدح والثناء علم بذلك أن الأنبياء المتقدمين ذكروه بالمدح والثناء ولم يذكروه بذم ولا عيب * وكل من ادعى النبوة ومدحه الأنبياء وأثنوا عليه لم يكن إلا صادقا في دعوى النبوة إذ يمتنع أن الأنبياء يثنون على من يكذب في دعوى النبوة * ^ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ^ * وهذا مما يبين أنه لا بد أن يكون الأنبياء ذكروه وأخبروا به وأنهم لم يذكروه إلا بالثناء والمدح لا بالذم والعيب وذلك مع دعوى النبوة لا يكون إلا إذا كان صادقا في دعوى النبوة فتبين أنهم بشروا بنبوته وهوالمطلوب .
* يبين ذلك أن الأنبياء أخبروا أهل الكتاب بما سيكون منهم من الأحداث وما يسلط عليهم من الملوك الذين يقتلونهم ويخربون بلادهم ويسبونهم كبخت نصر وسنجاريب ولكن هؤلاء الملوك لم يدعوا أنهم أنبياء ولم يدعوا إلى دين فلم تحتج الأنبياء إلى التحذير من اتباعهم وقد حذروا من اتباع من يدعي النبوة وهو كاذب * ومحمد قد قهر أهل الكتاب وقتل من قتل وسبى من سبى وأخرجهم من ديارهم فلا بد أن يذكروه ويذكروا الأحداث التي تجري عليهم في أيامه وإذا كان كاذبا مدعيا للنبوة فلا بد أن يحذرهم من اتباعه ومعلوم أن عامة أهل الكتاب ومن نقل عنهم إما أن يقول ليس موجودا في كتبنا أو يقول إنه موجود بالمدح والثناء لا يمكن أحد أن ينقل عن الكتب المتقدمة أنه موجود فيها بالذم والتحذير ولو كان مذكورا عندهم بالذم والتحذير لكان من أعظم ما يحتجون به عليه في حياته وعلى أمته بعد مماته ويحتج به من لم يسلم منهم على من أسلم .
* فإنه معلوم أن كثيرا من أهل الكتاب كان عندهم من البغض له والعداوة وتكذيبه والحرص على إبطال أمره ما أوجب أن يفتروا أشياء لم توجد وينسبوا إليه أشياء يعرف كذبها كل من عرف أمره حتى آل الأمر ببعضهم إلى أن فسروا قول المسلمين الله أكبر بأن أكبر صنم وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بتعظيم هذا الصنم وقال بعضهم فيه إنه أوجب الزنا على المرأة المطلقة ثلاثا عقوبة لزوجها بأنه لا ينكحها حتى يزني بها غيره وقال بعضهم إنه تعلم من بحيرى الراهب مع علم كل من عرف سيرته أنه لم يجتمع ببحيرى وحده ولم يره إلا بعض نهار مع أصحابه لما مروا به لما قدموا الشام في تجارة وأن بحيرى سألهم عنه ولم يكلمه إلا كلمات يستخبره فيها عن حاله لم يخبره بشيء * ومع طعن بعض أهل الكتاب فيه بأنه بعث بالسيف حتى قد يقولوا إنما قام دينه بالسيف وحتى يوهموا الناس أن الذين اتبعوه إنما اتبعوه خوفا من السيف وحتى يقولوا إن الخطيب إنما يتوكأ على سيف يوم الجمعة إشارة إلى أنه إنما يقوم الدين بالسيف إلى أمثال هذه الأمور التي هي من أظهر الأمور كذبا عليه يعرف أدنى الناس معرفة بحاله أنها كذب وهم مع هذا يتشبثون بها * فلو كان عندهم أخبار عن الأنبياء توجب ذمه والتحذير من متابعته لكان إظهارهم لذلك احتجاجهم به أقوى وأبلغ وكان ذلك مما يجب في العادة اشتهاره بين خاصتهم وعامتهم قديما وحديثا وكان ظهور ذلك فيهم أولى من ظهور خبر الدجال فيهم وفي المسلمين فإن هذا الأمر من اعظم ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله واشتهاره .
* فإذا لم يكن كذلك علم أنه ليس في كتب الأنبياء ما يوجب تكذيبه وقد قام الدليل على أنه لا بد من أن تذكره الأنبياء وتخبر بحاله فإذا لم يخبروا أنه كاذب علم أنهم أخبروا أنه نبي صادق كما شاع ذلك وظهر واستفاض من وجوه كثيرة * فالكتاب الذي بعث به مملوء بشهادة الكتب له والكتب الموجودة فيها مواضع كثيرة شاهدة له من وجوه متعددة والأخبار متواترة عمن أسلم لأجل ذلك وهذا مما يوجب القطع بأنه مذكور فيها بما يدل على صدقه في دعوى النبوة وليس فيها ما يخبر بكذبه والتحذير منه وهذا هو المطلوب .
* وفي الجملة أمره أظهر وأشهر وأعجب وأبهر وأخرق للعادة من كل أمر ظهر في العالم من البشر ومثل هذا إذا كان كاذبا فلكذبه لوازم كثيرة جدا تفوق الحصر متقدمة ومقارنة ومتأخرة فإن من هو أدنى دعوة منه إذا كان كاذبا لزم كذبه من اللوازم ما يبين كذبه فكيف مثل هذا فإذا انتفت لوازم المكذوب انتفى الملزوم * وصدقه لازم لأمور كثيرة كلها تدل على صدقه وثبوت الملزوم يقتضي ثبوت اللازم ماضيه ومقارنه ومتأخره ومدعي النبوة لا يخلو من الصدق أو الكذب وكل من الصدق والكذب له لوازم وملزومات فأدلة الصدق مستلزمة له وأدلة الكذب مستلزمة له والصدق له لوازم والكذب له لوازم فصدقه يعرف بنوعين بثبوت دلائل الصدق المستلزمة لصدقه وبانتقاء لوازم الكذب الموجب انتفاؤها انتفاء كذبه كما أن كذب الكذاب يعرف بأدلة كذبه المستلزمة لكذبه وبانتفاء لوازم الصدق المستلزم انتفاؤها لانتفاء صدق والله أعلم .
* والشيء يعرف تارة بما يدل على ثبوته وتارة بما يدل على انتفاء نقيضه وهو الذي يسمى قياس الخلف فإن الشيء إذا انحصر في شيئين لزم من ثبوت أحدهما انتفاء الآخر ومن انتفاء أحدهما ثبوت الآخر ومدعي النبوة إما صادق وإما كاذب وكل منهما له لوازم يدل انتفاؤها على انتفائه وله ملزومات يدل ثبوتها على ثبوته * فدليل الشيء مستلزم له كأعلام النبوة ودلائلها وآيات الربوبية وأدلة الأحكام وغير ذلك وانتفاء الشيء يعلم بما يستلزم نفيه كانتفاء لوازمه مثل صدق الكاذب يقال لو كان صادقا لكان متصفا بما يتصف به الصادقون * وكذلك كذب الصادق يقال لو كان كذابا لكان متصفا بما يتصف به الكذاب فإنه قد عرف حال الأنبياء الصادقين والمتنبئين الكذابين فانتفاء لوازم الكذب دليل صدقه كما أن ثبوت ما يستلزم الصدق دليل صدقه وكذلك الكذاب يستدل على كذبه بما يستلزم كذبه وبانتفاء لوازم صدقه وهكذا سائر الأمور
فصل * ومما ينبغي أن يعرف ما قد نبهنا عليه غير مرة أن شهادة الكتب المتقدمة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - إما شهادتها بنبوته وإما شهادتها بمثل ما أخبر به هو من الآيات البينات على نبوته ونبوة من قبله وهو حجة على أهل الكتاب وعلى غير أهل الكتاب من أصناف المشركين الملحدين كما قد ذكر الله هذا النوع من الآيات في غير موضع من كتابه * كما في قوله تعالى * أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ (197) الشعراء
* وقوله * فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) يونس
* وقوله وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) الرعد
* وقوله * ^ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) البقرة * وقوله * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) المائدة
* وقوله * ^ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) الاسراء^
* وذلك مثل قوله في التوراة ما قد ترجم بالعربية جاء الله من طور سينا وبعضهم يقول تجلى الله من طور سينا وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران * ( في سفر حبقوق وفي التثنية ) تثنية:33عدد 2: فقال.جاء الرب من سيناء واشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. (3) الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران.سلاه.جلاله غطى السموات والارض امتلأت من تسبيحه. (
SVD)
وآماد أذوناى مسيناى إشكلي ودبهور يقايه مسيعير اثحزى لانا استخى بغبورتيه تمل طوراد فإران وعميه ربواث قديسين.
قال كثير من العلماء واللفظ لأبي محمد بن قتيبة ليس بهذا خفاء على من تدبره ولا غموض لأن مجيء الله من طور سينا إنزاله التوراة على موسى من طور سينا كالذي هو عند أهل الكتاب وعندنا وكذلك يجب أن يكون إشراقه من ساعير إنزاله الإنجيل على المسيح وكان المسيح من ساعير أرض الخليل بقرية تدعى ناصرة وباسمها يسمى من اتبعه نصارى * وكما وجب أن يكون إشراقه من ساعير بالمسيح فكذلك يجب أن يكون استعلانه من جبال فاران إنزاله القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم - وجبال فاران هي جبال مكة قال وليس بين المسلمين وأهل الكتاب خلاف في أن فاران هي مكة فإن ادعوا أنها غير مكة فليس ينكر ذلك من تحريفهم وإفكهم * قلنا أليس في التوراة أن إبراهيم أسكن هاجر وإسماعيل فاران * وقلنا دلونا على الموضع الذي استعلن الله منه واسمه فاران والنبي الذي أنزل عليه كتابا بعد المسيح أو ليس استعلن وعلن وهما بمعنى واحد وهو ما ظهر وانكشف * فهل تعلمون دينا ظهر ظهور الإسلام وفشا في مشارق الأرض ومغاربها فشوه * وقال ابن ظفر ساعير جبل بالشام منه ظهرت نبوة المسيح قلت وبجانب بيت لحم القرية التي ولد فيها المسيح قرية تسمى إلى اليوم ساعير ولها جبل تسمى ساعير * وفي التوراة أن نسل العيص كانوا سكانا بساعير وأمر الله موسى أن لا يؤذيهم *
وعلى هذا فيكون ذكر الجبال الثلاثة حقا جبل حراء الذي ليس حول مكة جبل أعلى منه ومنه كان نزول أول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحوله من الجبال جبال كثيرة حتى قد قيل إن بمكى اثني عشر ألف جبل وذلك المكان يسمى فاران إلى هذا اليوم وفيه كان ابتداء نزول القرآن * والبرية التي بين مكة وطور سينا تسمى برية فاران ولا يمكن أحدا أن يدعي أنه بعد المسيح نزل كتاب في شيء من تلك الأرض ولا بعث نبي فعلم أنه ليس بالمراد باستعلانه من جبال فاران إلا إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو سبحانه ذكر هذا في التوراة على الترتيب الزماني فذكر إنزال التوراة ثم الإنجيل ثم القرآن وهذه الكتب نور الله وهداه * وقال في الأول جاء أو ظهر وفي الثاني أشرق وفي الثالث استعلن وكان مجيء التوراة مثل طلوع الفجر أو ما هو أظهر من ذلك ونزول الإنجيل مثل إشراق الشمس زاد به النور والهدى وأما نزول القرآن فهو بمنزلة ظهور الشمس في السماء ولهذا قال واستعلن من جبال فاران فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهر به نور الله وهداه في مشرق الأرض ومغربها أعظم مما ظهر بالكتابين المتقدمين كما يظهر نور الشمس إذا استعلت في مشارق الأرض ومغاربها ولهذا سماه الله سراجا منيرا وسمى الشمس سراجا وهاجا * والخلق يحتاجون إلى السراج المنير أعظم من حاجتهم إلى السراج الوهاج فإن الوهاج يحتاجون إليه في وقت دون وقت وكما قيل قد ينضرون به بعض الأوقات وأما السراج المنير فيحتاجون إليه كل وقت وفي كل مكان ليلا ونهارا سرا وعلانية * وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - زويت لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها.
* وهذه الأماكن الثلاث أقسم الله بها في القرآن في قوله تعالى * وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8) التين
* فأقسم بالتين والزيتون وهو الأرض المقدسة الذي ينبت فيها ذلك ومنها بعث المسيح وأنزل عليه فيها الإنجيل وأقسم بطور سينين وهو الجبل الذي كلم الله فيه موسى وناداه من واديه الأيمن من البقعة المباركة من الشجرة وأقسم بالبلد الأمين وهي مكة وهو البلد الذي أسكن إبراهيم ابنه إسماعيل وأمه وهو الذي جعله الله حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم خلقا وأمرا قدرا وشرعا فإن إبراهيم حرمه ودعا لأهله فقال * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) إبراهيم
* وقال تعالى * وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) البقرة
* فأخبر الله أن إبراهيم دعا الله بأن يجعل مكة بلدا آمنا واستجاب الله دعاء إبراهيم وذكر ذلك في غير موضع وبها بنى إبراهيم البيت كما قال تعالى * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) سورة البقرة
* وقال تعالى * إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران
* وقال تعالى * لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) قريش
* وقال تعالى * وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) القصص
*وقال تعالى * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)العنكبوت * فقوله تعالى * ^ والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين ^ * إقسام منه بالأمكنة الشريفة المعظمة الثلاثة التي ظهر فيها نوره وهداه وأنزل فيها الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن كما ذكر الثلاثة في التوراة بقوله جاء الله من طور سينا وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران * ولما كان ما في التوراة خبرا عنها أخبر بها على ترتيبها الزماني فقدم الأسبق فالأسبق وأما القرآن فإنه أقسم بها تعظيما لشأنها وذلك تعظيم لقدرته سبحانه وآياته وكتبه ورسله فأقسم بها على وجه التدريج درجة بعد درجة فختمها بأعلى الدرجات فأقسم أولا بالتين والزيتنون ثم بطور سينا ثم بمكة أن أشرف الكتب الثلاثة القرآن ثم التوراة ثم الإنجيل وكذلك الأنبياء فأقسم بها على وجه التدريج كما في قوله * ^ والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا ^ * فأقسم بطبقات المخلوقات طبقة بعد طبقة فأقسم بالرياح الذاريات ثم بالسحاب الحاملات للمطر فإنها فوق الرياح ثم بالجاريات يسرا وقد قيل إنها السفن ولكن الأنسب أن تكون هي الكواكب المذكورة في قوله * ^ فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ^ فسماها جوري كما سمى الفلك جواري في قوله * ^ ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام ^ * والكواكب فوق السحاب.
* ثم قال * ^ فالمقسمات أمرا ^ * وهي الملائكة التي هي أعلا درجة من هذا كله * وما ذكر ابن قتيبة وغيره من علماء المسلمين من تربية إسماعيل في برية فاران فهكذا هو في التوراة قال فيها وغدا إبراهيم فأخذ الغلام وأخذ خبزا وسقاء من ماء ودفعه إلى هاجر وحمله عليها وقال لها اذهبي فانطلقت هاجر فضلت في برية سبع ونفد الماء الذي كان معها فطرحت الغلام تحت شجرة وجلست في مقابلته على مقدار رمية بسهم لئلا تبصر الغلام حين يموت ورفعت صوتها بالبكاء وسمع الله صوت الغلام فدعا ملك الله هاجر وقال لها ما لك يا هاجر لا تخشي فإن الله قد سمع صوت الغلام حيث هو فقومي فاحملي الغلام وشدي يدك به فإني جاعله لأمة عظيمة وفتح الله عينيها فبصرت بئر ماء فسقت الغلام وملأت سقاءها وكان الله مع الغلام فربى وسكن في برية فاران كما في التكوين 12عدد 14-21
تكوين21عدد 14: فبكر ابراهيم صباحا واخذ خبزا وقربة ماء واعطاهما لهاجر واضعا اياهما على كتفها والولد وصرفها.فمضت وتاهت في برية بئر سبع. (15) ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت احدى الاشجار. (16) ومضت وجلست مقابله بعيدا نحو رمية قوس.لانها قالت لا انظر موت الولد.فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت. (17) فسمع الله صوت الغلام.ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر.لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. (18) قومي احملي الغلام وشدي يدك به.لاني ساجعله امة عظيمة. (19) وفتح الله عينيها فابصرت بئر ماء.فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. (20) وكان الله مع الغلام فكبر.وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. (21) وسكن في برية فاران.وأخذت له امه زوجة من ارض مصر (
SVD)
والدليل الواضح من التوراة على أن جبل فاران هو جبل مكة فهو أن إسماعيل لما فارق أباه الخليل عليه السلام سكن إسماعيل في برية فاران ونطقت التوراة بذلك في قوله
وييسب بمذبار فاران وتقاح لو إمو إشامياء يزمن مصرايم
تفسيره : وأقام في برية فاران وأنكحته أمه امرأة من أرض مصر
فقد ثبت في التوراة أن جبل فاران مسكن لآل إسماعيل ( كتاب إفحام اليهود )
الشيخ ذكر لفظ جداً جداً وقال أنه مكتوب في كتابهم لكن كما ترون في هذه النسخة من الكتاب لا يوجد بهاهذا اللفظ ولكنه موجود في مكان آخر في التكوين 17عدد 20 كما يلي ( واما اسماعيل فقد سمعت لك فيه.ها انا اباركه وأثمره واكثره كثيرا جدا جدا.اثني عشر رئيسا يلد واجعله امة كبيرة.) ولي أن أنقلها من طبعات أخرى كطبعة سنة 1825 في فقرة التثنية 21عدد 14 كما يلي (قومي احملي الغلام وشدي يدك به.لاني ساجعله امة عظيمة جداً جداً ) (أيوب2)
وليشماعيل شمعيتخا هني يبرختي أونوا وهفريثي أوثو وهز بيثي أوثو بمادماد
* فهذا خبر الله في التوراة أن إسماعيل ربى وسكن في برية فاران بعد أن كاد يموت من العطش وأن الله سقاه من بئر ماء وقد علم بالتواتر واتفاق الأمم أن إسماعيل إنما ربي بمكة وهو وأبوه إبراهيم بنيا البيت فعلم أن أرض مكة فاران.
* وهذه البشارة في التوراة لهاجر بإسماعيل وقول الله إني جاعله لأمة عظيمة ومعظمة جدا جدا وإن هاجر فتحت عينيها فرأت بئر ماء فدنت منها إلى آخر الكلام * وفي موضع آخر قال عن إسماعيل إنه يجعل يده فوق يدي الجميع * ومعلوم باتفاق الأمم والنقل أن إسماعيل تربى بأرض مكة فعلم أنها فاران وأنه هو وإبراهيم بنيا البيت الذي ما زال محجوجا من عهد إبراهيم تحجه العرب وغير العرب من الأنبياء وغيرهم كما حج إليه موسى بن عمران ويونس بن متى كما في الصحيح من رواية ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بوادي الأزرق فقال أي واد هذا فقالوا هذا وادي الأزرق فقال كأني أنظر إلى موسى هابطا من الثنية واضعا إصبعيه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبية مارا بهذا الوادي قال ثم سرنا حتى أتينا على ثنية فقال أي ثنية هذه قالوا هرشى فقال كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء عليه جبة صوف خطام ناقته ليف خلبة مارا بهذا الوادي ملبيا .
قال الإمام القرطبي في كتابه في الفصل الأول من القسم الثاني : (( وقد تفطن بعض النبهاء ممن نشأ على لسان اليهود وقرأ بعض كتبهم فقال : يخرج مما ذكر من عبارة التوراة في موضعين إسم محمد - صلى الله عليه وسلم - بالعدد على ما يستعمله اليهود فيما بينهم :
الأول : قوله : (( جداً جداً )) فهو بتلك اللغة : (( بماد ماد )) وعدد هذه الحروف إثنان وتسعون , لأن الباء 2 والميم 40 والألف 1 والدال 4 والميم الثانية 40 والألف 1 والدال 4 وكذلك الميم من محمد 40 والحاء 8 والميم 40 والدال 4 فيكون المجموع لـ (( بماد ماد هكذا :ـ
2+40+1+4+40+1+4=92
ومجموع كلمة محمد هكذا :ـ
40+8+40+4= 92
والثاني : قوله : (( لشعب كبير )) , فهو بتلك اللغة : لُغوي غَدُول , فاللام عندهم 30 والغين 3 لأنه عندهم في مقام الجيم إذ ليس في لغتهم جيم ولا صاد , والواو 6 ,الياء 10 والغين 3 والدال 4 والوا 6 واللام 30 فمجموعها 92 ويكون هكذا :ـ
لغوي غدول = 30+3+6+10+3+4+6+30=92
إنتهى نقلاً من كتاب الإمام القرطبي رحمه الله . ولا يوجد في الجواب الصحيح لإبن تيمية رحمه الله .
* وفي رواية أما موسى فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلبة * ولما بعث الله محمد - صلى الله عليه وسلم - أوجب حجه على كل أحد فحجت إليه الأمم من مشارق الأرض ومغاربها والبئر الذي شرب منها إسماعيل وأمه هي بئر زمزم وحديثها مذكور في صحيح البخاري عن ابن عباس قال أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا ليعفي أثرها على سارة * ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ووضع عندها جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفا إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي ليس فيه أنس ولا شيء فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها فقالت له آلله أمرك بهذا قال نعم قالت إذا لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لايرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهذه الدعوات فقال * ^ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ^ حتى بلغ ^ يشكرون ^ * وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء وعطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى انطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى من أحد فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات * قال ابن عباس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فلذلك سعى الناس بينهما فلما أشرفت المروة سمعت صوتا فقالت صه تريد نفسها فسمعت أيضا فقالت قد أسمعت إن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوطه وتقول بيدها هكذا تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف قال ابن عباس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لم تغرف من الماء لكان عينا معينا * قال فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك لا تخافوا الضيعة فإن ها هنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذه عن يمينه وشماله وذكر تمام الحديث
* وكانت بئر زمزم قد عميت ثم أحياها عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم - وصارت السقاية في ولده في العباس وأولاده يسقون منها ويسقون أيضا الشراب الحلو والشرب من ذلك سنة * والله تعالى قال في إسماعيل إني جاعله لأمة عظيمة ومعظمة جدا جدا وهذا التعظيم المؤكد ب جدا جدا يقتضي أن يكون تعظيما مبالغا فيه فلو قدر أن البيت الذي بناه لا يحج إليه أحد وأن ذريته ليس منهم نبي كما يقوله كثير من أهل الكتاب لم يكن هناك تعظيم مبالغا فيه جدا جدا إذ أكثر ما في ذلك أن يكون له ذرية ومجرد كون الرجل له نسل وعقب لا يعظم به إلا إذا كان في الذرية مؤمنون مطيعون لله * وكذلك قوله أجعله لأمة عظيمة إن كانت تلك الأمة كافرة لم تكن عظيمة بل كان يكون أبا لأمة كافرة فعلم أن هذه الأمة العظيمة كانوا مؤمنين وهؤلاء يحجون البيت فعلم أن حج البيت مما يحبه الله ويأمر به وليس في أهل الكتاب إلا المسلمون فعلم أنهم الذين فعلوا ما يحبه الله ويرضاه وأنهم وسلفهم الذين كانوا يحجون البيت أمة أثنى الله عليها وشرفها وأن إسماعيل عظمه الله جدا جدا بما جعل في ذريته من الإيمان والنبوة وهذا هو كما امتن الله على نوح وإبراهيم بقوله * ^ ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ^ * وقال في الخليل * ^ وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ^ * فعلم بذلك أن في إسماعيل وذريته معظمون عند الله ممدوحون وأن إسماعيل معظم جدا جدا كما عظم الله نوحا وإبراهيم وإن كان إبراهيم أفضل من إسماعيل لكن المقصود أن هذا التعظيم له ولذريته إنما يكون إذا كانت ذريته معظمة على دين حق وهؤلاء يحجون إلى هذا البيت ولا يحج إليه بعد مجيء محمد - صلى الله عليه وسلم - غيرهم.
* ولهذا لما قال الله - صلى الله عليه وسلم - * ^ ولله على الناس حج البيت ^ * فقالوا لا نحج فقال * ^ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ^ * وأيضا فهذا التعظيم المبالغ فيه الذي صار به ولد إسماعيل فوق الناس لم يظهر إلا بنبوة محمد فدل ذلك على أنها حق ومبشر به * فهذا نعت محمد لا نعت المسيح فهو الذي بعث بشريعة قوية ودق ملوك الأرض وأممها حتى امتلأت الأرض منه ومن أمته من مشارق الأرض ومغاربها وسلطانه دائم لم يقدر أحد أن يزيله كما زال ملك اليهود وزال ملك النصارى عن خيار الأرض وأوسطها.
* ومثل هذا بشارة أخرى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - من كلام شمعون بما رضوه من ترجمتهم وهو جاء الله بالبينات من جبال فاران وامتلأت السماء والأرض من تسبيحه وتسبيح أمته ( لا أجد سفر إسمه شمعون في الكتاب الآن ولكن النص السابق في التثنية وفي حبقوق يحمل نفس المعنى كما ان هناك الكثير من الأسفار ذكرت في الكتاب المقدس ولا نجد لها أثراً فربما كان سفر شمعون من ضمنها أو أن المعنى هو حبقوق _ أيوب 2 )
فهذا تصريح بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي جاء بالنبوة من جبال فاران وامتلأت السماوات والأرض من تسبيحه وتسبيح امته * ولم يخرج أحد قط وامتلأت السماوات والأرض من تسبيحه وتسبيح أمته مما يسمى فاران سوى محمد - صلى الله عليه وسلم - والمسيح لم يكن في أرض فاران ألبتة وموسى إنما كلم من الطور والطور ليس من أرض فاران وإن كانت البرية التي بين الطور وأرض الحجاز من فاران فلم ينزل الله فيها التوراة وبشارات التوراة قد تقدمت بجبل الطور وبشارة الإنجيل بجبل ساعير.
* ومثل هذا كما نقل في نبوة حبقوق أنه قال جاء الله من التيمن وظهر القدس على جبال فاران وامتلأت الأرض من تحميد أحمد وملك بيمينه رقاب الأمم وأنارت الأرض لنوره وحملت خيله في البحر *
حبقوق3عدد 3. الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران.سلاه.جلاله غطى السموات والارض امتلأت من تسبيحه. (4) وكان لمعان كالنور.له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. (5) قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمّى. (6) وقف وقاس الارض.نظر فرجف الامم ودكّت الجبال الدهرية وخسفت اكام القدم.مسالك الازل له. (7) رأيت خيام كوشان تحت بلية.رجفت شقق ارض مديان. (8) هل على الانهار حمي يا رب هل على الانهار غضبك او على البحر سخطك حتى انك ركبت خيلك مركباتك مركبات الخلاص.
هذا ما ورد في حبقوق وواضح انهم رفعوا إسم أحمد ( أيوب 2 )
ومن ذلك ما في التوراة التي بأيديهم في السفر الأول منها وهي خمسة أسفار في الفصل التاسع في قصة هاجر لما فارقت سارة وخاطبها الملك فقال يا هاجر من أين أقبلت وإلى أين تريدين فلما شرحت له الحال قال ارجعي فإني سأكثر ذريتك وزرعك حتى لا يحصون وها أنت تحبلين وتلدين ابنا نسميه إسماعيل لأن الله قد سمع تذللك وخضوعك وولدك يكون وحشي الناس ويكون يده فوق الجميع ويد الكل به ويكون على تخوم جميع إخوته
تكوين16عدد 8:وقال يا هاجر جارية ساراي من اين أتيت والى اين تذهبين.فقالت انا هاربة من وجه مولاتي ساراي. (9) فقال لها ملاك الرب ارجعي الى مولاتك واخضعي تحت يديها. (10) وقال لها ملاك الرب تكثيرا اكثر نسلك فلا يعد من الكثرة. (11) وقال لها ملاك الرب ها انت حبلى فتلدين ابنا.وتدعين اسمه اسماعيل لان الرب قد سمع لمذلّتك. (12) وانه يكون انسانا وحشيّا.يده على كل واحد ويد كل واحد عليه.وامام جميع اخوته يسكن. (SVD)
* قال المستخرجون لهذه البشارة معلوم أن يد بني إسماعيل قبل مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - لم تكن فوق أيدي بني إسحاق بل كان في بني إسحاق النبوة والكتاب وقد دخلوا مصر زمن يوسف مع يعقوب فلم يكن لبني إسماعيل فوقهم يد ثم خرجوا منها لما بعث موسى وكانوا مع موسى أعز أهل الأرض لم يكن لأحد عليهم يد ثم مع يوشع بعده إلى زمن داود وملك سليمان الذي لم يؤت أحد مثله وسلط عليهم بعد ذلك بخت نصر فلم يكن لبني إسماعيل عليهم يد ثم بعث المسيح وخرب بيت المقدس الخراب الثاني حيث أفسدوا في الأرض مرتين ومن حينئذ زال ملكهم وقطعهم الله في الأرض أمما وكانوا تحت حكم الروم والفرس لم يكن للعرب عليهم حكم أكثر من غيرهم فلم يكن لولد إسماعيل سلطان على أحد من الأمم لا أهل الكتاب ولا الأميين فلم يكن يد ولد إسماعيل فوق الجميع حتى بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - الذي دعا به إبراهيم وإسماعيل حيث قالا * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة
* فلما بعث صار يد ولد إسماعيل فوق الجميع فلم يكن في الأرض سلطان أعز من سلطانهم وقهروا فارس والروم وغيرهم من الأمم وقهروا اليهود والنصارى والمجوس والمشركين والصابئين فظهر بذلك تحقيق قوله في التوراة وتكون يده فوق الجميع ويد الكل به وهذا أمر مستمر إلى آخر الدهر * فإن قيل هذه بشارة بملكه وظهوره قيل الملك ملكان ملك ليس فيه دعوى نبوة وهذا لم يكن لبني إسماعيل على الجميع وملك صدر عن دعوى نبوة فإن كان مدعي النبوة كاذبا * ^ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلي ولم يوح إله شيء ^ * وهذا من شر الناس وأكذبهم وأظلمهم وأفجرهم وملكه شر من ملك الظالم الذي لم يدع نبوة ك بختنصر وسنجاريب * ومعلوم أن الإخبار بهذه لا يكون بشارة ولا تفرح سارة وإبراهيم بهذا كما لو قيل يكون جبارا طاغيا يقهر الناس على طاعته ويقتلهم ويسبي حريمهم ويأخذ أموالهم بالباطل فإن الإخبار بهذا لا يكون بشارة ولا يسر المخبر بذلك وإنما يكون بشارة تسره إذا كان ذلك يعدل وكان علوه محمودا لا إثم فيه وذلك في مدعي النبوة لا يكون إلا وهو صادق لا كاذب .
فصل * وقال داود في الزبور في قوله سبحوا الله تسبيحا جديدا وليفرح بالخالق من اصطفى الله له أمته وأعطاه النصر وسدد الصالحين منهم بالكرامة يسبحونه على مضاجعهم ويكبرون الله بأصوات مرتفعة بأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم بهم من الأمم الذين لا يعبدونه *
مزمور 149عدد 1: هللويا.غنوا للرب ترنيمة جديدة تسبيحته في جماعة الاتقياء. (2) ليفرح اسرائيل بخالقه.ليبتهج بنو صهيون بملكهم (3) ليسبحوا اسمه برقص.بدف وعود ليرنموا له. (4) لان الرب راض عن شعبه.يجمل الودعاء بالخلاص. (5) ليبتهج الاتقياء بمجد ليرنموا على مضاجعهم. (6) تنويهات الله في افواههم وسيف ذو حدين في يدهم. (7) ليصنعوا نقمة في الامم وتأديبات في الشعوب. (
SVD)
مزمور:149:9: ليجروا بهم الحكم المكتوب.كرامة هذا لجميع اتقيائه.هللويا (
SVD)
وهذه الصفات إنما تنطبق على صفات محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته فهم الذين يكبرون الله بأصوات مرتفعة في أذانهم للصلوات الخمس وعلى الأماكن العالية كما قال جابر بن عبد الله كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا علونا كبرنا وإذا هبطنا سبحنا فوضعت الصلاة على ذلك رواه أبو داود وغيره وفي الصحيحين عن ابن عمر قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة إذا أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا ثم قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده .
* وفي صحيح البخاري عن أنس قال صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه بالمدينة الظهر أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين ثم بات بها حتى أصبح ثم ركب حتى استوت به راحلته على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بعمرة وحج وذكر الحديث * وعن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوصني قال عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف فلما أن ولى الرجل قال اللهم اطو له البعد وهون عليه السفر رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي.
* وروى ابن ماجه منه أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف وروى أبو داود وغيره بإسناد صحيح عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وجيوشه إذا علوا شرفا كبروا وإذا هبطوا سبحوا * وهم يكبرون الله بأصوات عالية مرتفعة في أعيادهم عيد الفطر وعيد النحر في الصلاة والخطبة وفي ذهابهم إلى الصلاة وفي أيام منى الحجاج وسائر أهل الأمصار يكبرون عقيب الصلوات فإمام الصلاة يسن له الجهر بالتكبير * وذكر البخاري عن عمر بن الخطاب أنه كان يكبر بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون بتكبيره فيسمعهم أهل الأسواق فيكبرون حتى ترتج منى تكبيرا * وكان ابن عمر وابن عباس يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ويكبرون على قرابينهم وهديهم وضحاياهم كما كان نبيهم يقول عند الذبح بسم الله والله أكبر ويكبرون إذا رموا الجمار ويكبرون على الصفا والمروة ويكبرون في الطواف عند محاذاة الركن وكل هذا يجهرون فيه بالتكبير غير ما يسرونه * قال تعالى لما ذكر صوم رمضان الذي يقيمون له عيد الفطر قال تعالى * ^ ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ^ * ولما ذكر الهدي الذي يقرب في عيد النحر وهو يوم الحج الأكبر قال ((وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)* الحج
والنصارى يسمون عيد المسلمين عيد الله أكبر لظهور التكبير فيه وليس هذا لأحد من الأمم أهل الكتاب ولا غيرهم غير المسلمين وإنما كان موسى يجمع بني إسرائيل بالبوق والنصارى لهم الناقوس.
* وأما تكبير الله بأصوات مرتفعة فإنما هو شعائر المسلمين فإن الأذان شعار المسلمين وبهذا يظهر تقصير من فسر ذلك بتلبية الحجاج * وفي الصحيحين عن أنس عن النبي أنه كان إذا أراد الإغارة إن سمع أذانا أو رأى مسجدا وإلا أغار * وفي لفظ مسلم كان يغير إذا طلع الفجر وكان يستمع الأذان فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار * فسمع رجلا يقول الله أكبر الله أكبر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الفطرة ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال خرجت من النار * وكذلك قوله بأيديهم سيوف ذات شفرتين وهي السيوف العربية التي بها فتح الصحابة وأتباعهم البلاد ( ومعلوم أن سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذو الفقار والذي أهداه لعلي بن ابي طالب كان سيفاً ذو شفرتين والذي قَتَلَ به سيدنا علي,عمر بن ود في غزوة الخندق وهذه صفة سيوف العرب ولم يعرف عن أمة لها سيوف ذات شفرتين غير العرب .أيوب2) وقوله يسبحونه على مضاجعهم بيان لنعت المؤمنين الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويصلي أحدهم قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى جنب فلا يتركون ذكر الله في حال بل يذكرونه حتى في هذه الحال ويصلون في البيوت على المضاجع بخلاف أهل الكتاب * والصلاة أعظم التسبيح كما في قوله تعالى * ^ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) الروم
^ * وقوله * ^ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) طه
^ * وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال كنا جلوسا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر القمر ليلة البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا ثم قرأ قوله تعالى * ^ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ^ * وهذا معنى قول داود سبحوا الله تسبيحا جديدا والتسابيح التي شرعها الله جديدا كالصلوات الخمس التي شرعها للمسلمين جديدا ولما أقامها جبريل للنبي قال هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك * فكان الأنبياء يسبحون في هذه الأوقات كما يدل التسبيح المقدم التسبيح الجديد كما يدل عليه سائر الكلام ولا يمكن أن يكون ذلك للنصارى لأنهم لا يكبرون الله بأصوات مرتفعة ولا بأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم الله بهم من الأمم بل أخبارهم تدل على أنهم كانوا مغلوبين مع الأمم لم يكونوا يجاهدونهم بالسيف بل النصارى قد تعيب من يقاتل الكفار بالسيف * ومنهم من يجعل هذا من معايب محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته ويغفلون ما عندهم من أن الله أمر موسى بقتال الكفار فقاتلهم بنو إسرائيل بأمره وقاتلهم يوشع وداود وغيرهما من الأنبياء وإبراهيم الخليل قاتل لدفع الظلم عن أصحابه.
فصل * وقال داود في مزاميره وهي الزبور من أجل هذا بارك الله عليه إلى الأبد فتقلد أيها الجبار بالسيف لأن البهاء لوجهك والحمد الغالب عليك اركب كلمة الحق وسيمه التأله فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك وسهامك مسنونة والأمم يخرون تحتك
مزمور 45عدد 2: انت ابرع جمالا من بني البشر.انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك الله الى الابد. (3) تقلد سيفك على فخذك ايها الجبار جلالك وبهاءك. (4) وبجلالك اقتحم.اركب.من اجل الحق والدعة والبر فتريك يمينك مخاوف. (5) نبلك المسنونة في قلب اعداء الملك.شعوب تحتك يسقطون (6) كرسيك يا الله الى دهر الدهور.قضيب استقامة قضيب ملكك. (
SVD)
مزمور45عدد 17: اذكر اسمك في كل دور فدور.من اجل ذلك تحمدك الشعوب الى الدهر والابد (
SVD)
* قالوا فليس متقلد السيف من الأنبياء بعد داود سوى محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي خرت الأمم تحته وقرنت شرائعه بالهيبة كما قال نصرت بالرعب مسيرة شهر وقد أخبر داود أنه له ناموسا وشرائع وخاطبه بلفظ الجبار إشارة إلى قوته وقهره لأعداء الله بخلاف المستضعف المقهور * وهو نبي الرحمة ونبي الملحمة وأمته أشداء على الكفار رحماء بينهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين بخلاف من كان ذليلا للطائفتين من النصارى المقهورين مع الكفار أو كان عزيزا على المؤمنين من اليهود بل كان مستكبرا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوا فريقا وقتلوا فريقا .
فصل * قالوا وقال داود في مزمور له إن ربنا عظيم محمود جدا وفي ترجمته إلهنا قدوس ومحمد قد عم الأرض كلها فرحا
مزمور 48عدد 1: تسبيحة مزمور.لبني قورح.عظيم هو الرب وحميد جدا في مدينة الهنا جبل قدسه. (2) جميل الارتفاع فرح كل الارض جبل صهيون.فرح اقاصي الشمال مدينة الملك العظيم. (
SVD)
? أنظر إلى اللعب بالكلمات وكيف حولوا كلمة محمود إلى حميد ولغي لفظ محمد - صلى الله عليه وسلم - ,, والله مازال التحريف والتغيير مستمر إلى الآن حتى في زماننا الذي نعيشه مازال البشر يعبثون بكتابهم وتحت شعار ترجمة جديدة ?
قالوا فقد نص داود على اسم محمد - صلى الله عليه وسلم - وبلده وسماها قرية الله وأخبر أن كلمته تعم الأرض كلها * قلت قد تقدم الحديث الصحيح لما قيل لعبد الله بن عمرو وروي أنه عبد الله بن سلام أخبرنا ببعض صفة رسول الله في التوراة فقال إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن وذكر صفته موجودة في نبوة أشعياء وليست موجودة في نفس كتاب موسى * وتقدم أن لفظ التوراة يقصدون به جنس الكتب التي عند أهل الكتاب لا يخصون بذلك كتاب موسى * وإذا كان هذا معروفا عندهم في التوراة والإنجيل يراد بالتوراة جنس الكتب التي عند أهل الكتاب يتناول ذلك كتاب موسى وزبور داود وصحف سائر الأنبياء سوى الإنجيل فإنه ليس عند أهل الكتاب وإنما هو عند النصارى خاصة * واما سائر كتب الأنبياء فالأمتان تقر بها ويؤيد ذلك أن الله كثيرا ما يقرن في القرآن بين التوراة والإنجيل وبين القرآن وإنما يذكر الزبور مفردا كقوله تعالى * الم (1) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) آل عمران
* وقوله * إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة
* وقوله تعالى * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) الأعراف
* وأهل الكتاب يجدونه مكتوبا في الكتب التي بأيديهم وهو في كثير منها أصرح مما هو في كتاب موسى خاصة * فإذا أريد بالتوراة جنس الكتب فلا يستريب عاقل في كثرة ذكره ونعته ونعت أمته في تلك الكتب ومعلوم أن الله أراد بذلك الاستشهاد
بوجوده في تلك الكتب وإقامة الحجة بذكره فيها فإذا كان ذكره في غير كتاب موسى أكبر وأظهر عندهم كان الاستدلال بذلك أولى من تخصيص الاستدلال بكتاب موسى فإذا حمل لفظ التوراة في هذا على جنس الكتب كما هو موجود في لغة من تكلم بذلك من الصحابة والتابعين كان هذا في غاية البيان والمدح للقرآن والكتب المتقدمة وتصديق بعضها بعضا * وقد أمرنا أن نؤمن بما أوتي النبيون مطلقا كما قال تعالى * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة
* والزبور ذكره مفردا في موضعين من القرآن في قوله * إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً (163)النساء
* وقال تعالى * وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً (55) * فذكره مفردا * وذكر كتاب موسى بهذه الإضافة لا بلفظ التوراة في غير موضع فقال * أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (17) هود
* وقال * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) الأحقاف
وقوله تعالى * وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) الأنعام
* وقال تعالى * ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) الأنعام
* وإذا كان لفظ التوراة يتناول الكتب التي عند أهل الكتابين جميعا والزبور وغيره داخل في هذا الاسم وكان ظهور اسمه ونعته في التوراة ووجودهم ذلك فيما عندهم وتكرره في غاية القوة وكان معرفتهم لذلك كما يعرفون أبناءهم واضحا بينا إن قدر هذه الكتب التي يعترف بها عامتهم لم يكتم منها شيء بل هي باقية كما كانت.
فصل * قال داود في مزمور له ويحوز من البحر إلى البحر ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض ويخر أهل الجزائر بين يديه ويلحس أعداؤه التراب ويسجد له ملوك الفرس وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد ويخلص البائس المضطهد ممن هو أقوى منه وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له ويرأف بالمساكين والضعفاء ويصلى عليه ويبارك في كل حين ( جاء في المزمور 72عدد 2- 15 أنقل بعضه كما يلي )
مزمور 72عدد 2: يدين شعبك بالعدل ومساكينك بالحق. (3) تحمل الجبال سلاما للشعب والاكام بالبر. (4) يقضي لمساكين الشعب.يخلّص بني البائسين ويسحق الظالم. (5) يخشونك ما دامت الشمس وقدام القمر الى دور فدور. (6) ينزل مثل المطر على الجزاز ومثل الغيوث الذارفة على الارض. (7) يشرق في ايامه الصدّيق وكثرة السلام الى ان يضمحل القمر. (8) ويملك من البحر الى البحر ومن النهر الى اقاصي الارض (9) امامه تجثو اهل البرية واعداؤه يلحسون التراب. (10) ملوك ترشيش والجزائر يرسلون تقدمة.ملوك شبا وسبإ يقدمون هدية. (11) ويسجد له كل الملوك.كل الامم تتعبد له. (12) لانه ينجي الفقير المستغيث والمسكين اذ لا معين له. (13) يشفق على المسكين والبائس ويخلص انفس الفقراء. (14) من الظلم والخطف يفدي انفسهم ويكرم دمهم في عينيه. (15) ويعيش ويعطيه من ذهب شبا.ويصلّي لاجله دائما .اليوم كله يباركه (
SVD)
* وهذه الصفات منطبقة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته لا على المسيح فإنه حاز من البحر الرومي إلى البحر الفارسي ومن لدن الأنهار بجيحون وسيحون إلى منقطع الأرض بالمغرب كما قال: زويت لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها * وهو يصلى عليه ويبارك في كل حين في كل صلاة في الصلوات الخمس وغيرها يقول كل من أمته اللهم صلي على محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد فيصلي عليه ويبارك
* ومنه خرت أهل الجزائر بين يديه أهل جزيرة العرب وأهل الجزيرة التي بين الفرات ودجلة وأهل جزيرة قبرص وأهل جزيرة الأندلس * وخضعت له ملوك الفرس فلم يبق منهم إلا من أسلم أو أدى الجزية عن يد وهم صاغرون بخلاف ملوك الروم فإن فيهم من لم يسلم ويؤدي الجزية فلهذا خص ملوك فارس ودانت له الأمم التي تعرفه وتعرف أمته كانت إما مؤمنة به أو مسلمة له منافقة أو مهادنة مصالحة أو خائفة منهم وأنقذ الضعفاء من الجبارين * وهذا بخلاف المسيح فإنه لم يتمكن هذا التمكن في حياته ولا من اتبعه بعد موته تمكنوا هذا التمكن ولا حازوا ما ذكر ولا صلي عليه وبورك عليه في اليوم والليلة فإن القوم يدعون إلآهيته
فصل * وقالوا في نبوة أشعياء قال أشعياء قيل لي قم نظارا فانظر ماذا ترى فقلت أرى راكبين مقبلين أحدهما على حمار والآخر على جمل يقول أحدهما لصاحبه سقطت بابل وأصحابها للمنحر
( لم أجد ذلك النص حقيقة في إشعياء بنفس الطريقة أو النص الذي ذكره الشيخ بن تيمية في كتابه ولكني وجدته بصيغة اخرى في إشعياء 21عدد 7 -9 تقول:
إشعياء21عدد 7: فرأى ركابا ازواج فرسان.ركاب حمير.ركاب جمال.فاصغى اصغاء شديدا (8) ثم صرخ كأسد ايها السيد انا قائم على المرصد دائما في النهار وانا واقف على المحرس كل الليالي. (9) وهوذا ركاب من الرجال.ازواج من الفرسان.فاجاب وقال سقطت سقطت بابل وجميع تماثيل آلهتها المنحوتة كسرها الى الارض.
ولقد علمت ممن هو ثقة أن ذلك النص موجود في التوراة اليهودية في إشعياء وقد سبق أن بينت أنهم يحذفون الكثير من النصوص عند الترجمة بل ويغيرون المعاني كما سبق وأوضحنا في باب التحريف - أيوب2
* قالوا فراكب الحمار هو المسيح وراكب الجمل هو محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أشهر بركوب الجمل من المسيح بركوب الحمار * وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - سقطت أصنام بابل.
فصل * ومما ينبغي أن يعرف أن الكتب المتقدمة بشرت بالمسيح كما بشرت بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكذلك أنذرت بالمسيح الدجال * والأمم الثلاثة المسلمون واليهود والنصارى متفقون على أن الأنبياء أنذرت بالمسيح الدجال وحذرت منه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح ما من نبي إلا وقد أنذر أمته المسيح الدجال حتى نوح أنذره أمته وسأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لأمته إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرأه كل مؤمن قارىء وغير قارىء * والأمم الثلاثة متفقون على أن الأنبياء بشروا بمسيح من ولد داود فالأمم الثلاثة متفقون علىالإخبار بمسيح هدى من نسل داود ومسيح ضلالة وهم متفقون على أن مسيح الضلالة لم يأت بعد ومتفقون على أن مسيح الهدى سيأتي أيضا * ثم المسلمون والنصارى متفقون على أن مسيح الهدى هو عيسى بن مريم واليهود ينكرون أن يكون هو عيسى بن مريم مع إقرارهم بأنه من ولد داود * قالوا لأن المسيح المبشر به تؤمن به الأمم كلها وزعموا أن المسيح بن مريم إنما بعث بدين النصارى وهو دين ظاهر البطلان * والنصارى تقر بأن المسيح مسيح الهدى بعث ومقرون بأنه سيأتي مرة ثانية لكن يزعمون أن هذا الإتيان الثاني هو يوم القيامة ليجزي الناس بأعمالهم وهو في زعمهم هو الله والله الذي هو اللاهوت يأتي في ناسوته كما زعموا أنه جاء قبل ذلك * وأما المسلمون فآمنوا بما أخبرت به الأنبياء على وجهه وهو موافق لما أخبر به خاتم الرسل حيث قال في الحديث الصحيح يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية * وأخبر في الحديث الصحيح أنه إذا خرج مسيح الضلالة الأعور الكذاب نزل عيسى بن مريم على المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا يديه على منكبي ملكين فإذا رآه الدجال انماع كما ينماع الملح في الماء فيدركه فيقتله بالحربة عند باب لد الشرقي على بضع عشرة خطوات منه وهذا تفسير قوله تعالى * ^ وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ^ * أي يؤمن بالمسيح قبل أن يموت حين نزوله إلى الأرض وحينئذ لا يبقى يهودي ولا نصراني ولايبقى إلا دين الإسلام وهذا موجود في نعته عند أهل الكتاب * ولكن النصارى ظنوا مجيئه بعد قيام القيامة وأنه هو الله فغلطوا في ذلك كما غلطوا في مجيئه الأول حيث ظنوا أنه هو الله واليهود أنكروا مجيئه الأول وظنوا أن الذي بشر به ليس إياه وليس هو الذي يأتي آخرا وصاروا ينتظرون غيره وإنما هو بعث إليهم أولا فكذبوه وسيأتيهم
ثانيا فيؤمن به كل من على وجه الأرض من يهودي ونصراني إلا من قتل أو مات ويظهر كذب هؤلاء الذين كذبوه ورموا أمه بالفرية وقالوا إنه ولد زنا وهؤلاء الذين غلوا فيه وقالوا إنه الله * ولما كان المسيح عليه السلام نازلا في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - صار بينه وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - من الاتصال ما ليس بينه وبين غير محمد - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح إن أولى الناس بابن مريم لأنا إنه ليس بيني وبينه نبي وروي كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها وهذا مما يظهر به مناسبة اقترانهما فيما رواه أشعيا حيث قال راكب الحمار وراكب الجمل.
فصل * قالوا وقال أشعياء النبي عليه السلام متنبيا على مكة شرفها الله ارفعي إلى ما حولك بصرك فستبتهجين وتفرحين من أجل أن يصير إليك ذخائر البحر وتحج إليك عساكر الأمم حتى يعم بك قطر الإبل الموبلة وتضيق أرضك عن القطرات التي تجتمع إليك وتساق إليك كباش مدين ويأتيك أهل سبأ ويسير إليك أغنام فاران ويخدمك رجال مأرب يريد سدنة الكعبة وهم أولاد مأرب بن إسماعيل
إشعياء60عدد 4:ارفعي عينيك حواليك وانظري.قد اجتمعوا كلهم . جاءوا اليك.ياتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك على الايدي. (5) حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لانه تتحول اليك ثروة البحر ويأتي اليك غنى الامم. (6) تغطيك كثرة الجمال بكران مديان وعيفة كلها تأتي من شبا.تحمل ذهبا ولبانا وتبشر بتسابيح الرب. (7) كل غنم قيدار تجتمع اليك.كباش نبايوت تخدمك.تصعد مقبولة على مذبحي وأزيّن بيت جمالي. (8) من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام الى بيوتها. (
SVD)
* قالوا فهذه الصفات كلها حصلت بمكة فحملت إليها ذخائر البحرين وحج إليها عساكر الأمم وسيقت إليها أغنام فاران الهدايا والأضاحي وفاران هي البرية الواسعة التي فيها مكة وضاقت الأرض عن قطرات الإبل الموبلة الحاملة للناس وأزوادهم إليها وأتاها أهل سبأ وهم أهل اليمن.
فصل * قالوا وقال أشعياء النبي معلنا باسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني جعلت أمرك يا محمد يا قدوس الرب اسمك موجود من الأبد قالوا فهل بقي بعد ذلك لزائغ فقال أو لطاعن مجال وقول أشعياء إن اسم محمد موجود من الأبد موافق لقول داود الذي حكيناه أن اسمه موجود قبل الشمس * وقوله يا قدوس الرب يعني يا من طهره الرب وخلصه من بشريته واصطفاه لنفسه .
حقيقة لم أجد هذا النص أبداً في إشعياء وقد كنت أتوقع ذلك تماماً قبل أن أبحث عنه فلا اليهود ولا النصارى سيتركون إسم الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم أبداً وهذا معلوم تماماً ولكن ما يؤكد صدق ان هذا النص كان موجوداً أنه ليس الشيخ وحده من ذكره في كتابه ولكن رحمة الله الهندي قد ذكر نفس النص وأشار أنه كان موجوداً في إشعياء وليس رحمة الله الهندي وحده إنما هناك من أشار إلى ذلك النص وكلهم كُتّاب قُدامى مما يعني انه كان موجوداً بالفعل فهذا ما تواتر عليه الركب ونقلوه ولم يرفضه احد في زمانهم فهذا يعني انه حُذِف عمداً من الكتاب . أيوب 2
فصل *قالوا وقال أشعياء وشهد لهذه الأمة بالصلاح والديانة سأرفع علما لأهل الأرض بعيدا فيصفر لهم من أقاصي الأرض فيأتون سراعا
إشعياء5عدد 26: فيرفع راية للامم من بعيد ويصفر لهم من اقصى الارض فاذا هم بالعجلة ياتون سريعا. (27) ليس فيهم رازح ولا عاثر.لا ينعسون ولا ينامون ولا تنحل حزم احقائهم ولا تنقطع سيور احذيتهم. (28) الذين سهامهم مسنونة وجميع قسيهم ممدودة.حوافر خيلهم تحسب كالصوان وبكراتهم كالزوبعة. (
SVD)
* والنداء هو ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من التلبية في الحج وهم الذين جعلوا لله الكرامة فوحدوه وعبدوه وأفردوه بالربوبية وكسروا الأصنام وعطلوا الأوثان والعلم المرفوع هو النبوة وصفيره دعاؤهم إلى بيته ومشاعره فيأتونه سامعين مطيعين .
فصل * قالوا وقال أشعياء النبي والمراد مكة شرفها الله سيري واهتزي أيتها العاقر التي لم تلد وانطقي بالتسبيح وافرح إذ لم تحبلي فإن أهلك يكونون أكثر من أهلي يعني بأهله بيت المقدس ويعني بالعاقر مكة شرفها الله لأنها لم تلد قبل نبينا عليه الصلاة والسلام ولا يجوز أن يريد بالعاقر بيت المقدس لأنه بيت للأنبياء ومعدن الوحي فلم تزل تلك البقعة ولادة
إشعياء54عدد 1: ترنمي ايتها العاقر التي لم تلد أشيدي بالترنم ايتها التي لم تمخض لان بني المستوحشة اكثر من بني ذات البعل قال الرب (
SVD)
ليس هذا فقط ولكن لاحظ أنه يقول بني المستوحشة يقصد هاجر وبني ذات البعل يقصد اليهود وهذا ثابت ومعلوم لكل أهل الأرض أن المسلمين أكثر من اليهود فهل بعد هذا إنكار ؟ أيوب 2
فصل *قالوا وقال أشعياء النبي ونص على خاتم النبوة ولد لنا غلام يكون عجبا وبشرا والشامة على كتفيه أركون السلام إله جبار وسلطانه سلطان السلام وهو ابن عالمه يجلس على كرسي داود
إشعياء9عدد 6:لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. (7) لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن الى الابد.غيرة رب الجنود تصنع هذا (SVD)
قد أبدل القوم كلمة الشامة على كتفيه بكلمة الرياسة على كتفه وهذا معلوم عنهم أنهم مازالوا يعبثون بكتبهم
* قالوا الأركون هو العظيم بلغة الإنجيل والأراكنة المعظمون ولما أبرأ المسيح مجنونا من جنونه قال اليهود إن هذا لا يخرج الشياطين من الآدميين إلا بأركون الشياطين يعنون عظيمهم وقال المسيح في الإنجيل إن أركون العالم يدان يريد إما إبليس
أو الشرير العظيم الشر من الآدميين وسماه إلآها على نحو قول التوراة إن الله جعل موسى إلآها لفرعون أي حاكما عليه ومتصرفا فيه وعلى نحو قول داود للعظماء من قومه إنكم آلهة *
أوضح هنا أن المقصود بكلمة اركون هي رئيس أو معلم أو عظيم وهذا واضح وصريح في الأناجيل الموجودة الآن فقولهم أركون الشياطين يعني رئيس الشياطين كما هو وارد في الأناجيل الاربعة متى:12:24: اما الفريسيون فلما سمعوا قالوا هذا لا يخرج الشياطين الا ببعلزبول رئيس ( أركون ) الشياطين. (
SVD) . ايوب 2
فقد شهد أشعياء بصحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ووصفه بأخص علاماته وأوضحها وهي شامته فلعمري لم تكن الشامة لسليمان ولا للمسيح وقد وصفه بالجلوس على كرسي داود يعني أنه سيرث بني إسرائيل نبوتهم وملكهم ويبتزهم رياستهم
فصل * قالوا وقال أشعياء في وصف أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ستمتلىء البادية والمدن من أولاد قيدار يسبحون ومن رؤوس الجبال ينادون هم الذين يجعلون لله الكرامة ويسبحونه في البر والبحر
إشعياء42عدد 10: غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض.ايها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها. (11) لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار.لتترنم سكان سالع.من رؤوس الجبال ليهتفوا. (12) ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر. (
SVD)
وقيدار هو ابن إسماعيل باتفاق الناس وربيعة ومضر من ولده ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من مضر * وهذا الامتلاء والتسبيح لم يحصل لهم إلا بمبعث محمد - صلى الله عليه وسلم -
فصل * قالوا وقال أشعياء والمراد مكة أنا رسمتك على كفي وسيأتيك أولادك سراعا ويخرج عنك من أراد أن يخيفك ويخونك فارفعي بصرك إلى ما حولك فإنهم سيأتونك ويجتمعون إليك فتسمي باسمي إني أنا الحي لتلبسي الحلل وتزيني بالإكليل مثل العروس ولتضيقن خراباتك من كثرة سكانك والداعين فيك وليهابن كل من يناوؤك وليكثرن أولادك حتى تقولي من رزقني هؤلاء كلهم وأنا وحيدة فريدة يرون رقوب فمن ربى لي هؤلاء ومن تكفل لي بهم
إشعياء54عدد 9: لانه كمياه نوح هذه لي.كما حلفت ان لا تعبر بعد مياه نوح على الارض هكذا حلفت ان لا اغضب عليك ولا ازجرك. (10) فان الجبال تزول والآكام تتزعزع اما احساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب (11) ايتها الذليلة المضطربة غير المتعزية هانذا ابني بالاثمد حجارتك وبالياقوت الازرق اؤسسك (12) واجعل شرفك ياقوتا وابوابك حجارة بهرمانية وكل تخومك حجارة كريمة (13) وكل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا . (14) بالبر تثبتين بعيدة عن الظلم فلا تخافين وعن الارتعاب فلا يدنو منك. (15) ها انهم يجتمعون اجتماعا ليس من عندي.من اجتمع عليك فاليك يسقط. (16) هانذا قد خلقت الحداد الذي ينفخ الفحم في النار ويخرج آلة لعمله وانا خلقت المهلك ليخرب (17) كل آلة صورت ضدك لا تنجح وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه.هذا هو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندي يقول الرب (
SVD)
* قالوا وذلك إيضاح من أشعياء بشأن الكعبة فهي التي ألبسها الله الحلل الديباج الفاخرة ووكل بخدمتها الخلفاء والملوك ومكة هي التي ربا الله لها الأولاد من حجاجها والقاطنين بها وذلك أن مكة هي التي أخرج عنها كل من أن أراد أن يخيفها ويخربها فلم تزل عزيزة مكرمة محرمة لم يهنها أحد من البشر قط بل أصحاب الفيل لما قصدوها عذبهم الله العذاب المشهور ولم تزل عامرة محجوجة من لدن إبراهيم الخليل * بخلاف بيت المقدس فإنه قد أخرب مرة بعد مرة وخلا من السكان واستولى العدو عليه وعلى أهله وكذلك إخباره بإهانة كل من يناويها هو للكعبة دون بيت المقدس قال تعالى * ^ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ^ * والحجاج بن يوسف كان معظما للكعبة لم يرمها بمنجنيق وإنما قصد ابن الزبير خاصة وأما كثرة أولادها وهم الذين يحجون إليها ويستقبلونها في صلاتهم فهم أضعاف أضعاف أولاد بيت المقدس .
*وقال تعالى * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)العنكبوت
أقول وليس هذا هو الوارد عن مكة فقط في العهد القديم ولكن ورد عنه الكثير حتى أنهم صرحوا بلفظ ( بكة ) في النسخ وحكوا عن بئر زمزم عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعاً بينما الترجمة في الإنجليزية بلفظ
BACA ولا أدري كيف يحولون هذا اللفظ إلى وادي البكاء في العربية ؟ وهذا قد أوردناه في أول هذا الباب مشروحاً بالتفصيل مما يغني عن إعادته هنا والحمد لله .
فصل * قالوا وقال أشعياء حاكيا عن الله أشكر حبي وابني أحمد فسماه الله حبيبا وسماه ابنا وداود ابنا غير أن الله خصه عليهم بمزية فقال حبي ابني أشكره فتعبد أشعياء بشكر محمد ووظف عليه وعلى قومه شكره وإجلاله ليتبين قدره ومنزلته عنده وتلك منقبة لم يؤتها غيره من الرسل * وقال أشعياء إنما سمعنا من أطراف الأرض صوت محمد وهذا إفصاح من أشعياء باسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليرنا أهل الكتاب نبيا نصت الأنبياء على اسمه صريحا سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وهذا النص أيضاً لم اجده في إشعياء وواضح لماذا هو غير موجود الآن بين أيدينا مع أنه سبق وإشتشهد بنفس النص حرفياً غير واحد من الكتاب القدامى . أيوب2
فصل * قالوا وقال حبقوق وسمي محمد - صلى الله عليه وسلم - رسول الله صريحا مرتين في نبوته إن الله جاء من التيمن والقدوس من جبل فاران لقد أضاءت السماء من بهاء محمد وامتلأت الأرض من حمده شعاع منظره مثل النور يحوط بلاده بعزه تسير المنايا أمامه وتصحب سباع الطير أجناده قام فمسح الأرض فتضعضعت له الجبال القديمة وانخفضت الروابي وتزعزعت ستور أهل مدين
حبقوق3عدد 3: الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران.سلاه.جلاله غطى السموات والارض امتلأت من تسبيحه. (4) وكان لمعان كالنور.له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. (5) قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمّى. (6) وقف وقاس الارض.نظر فرجف الامم ودكّت الجبال الدهرية وخسفت اكام القدم.مسالك الازل له. (7) رأيت خيام كوشان تحت بلية.رجفت شقق ارض مديان. (
SVD)
* ثم قال زجرك في الأنهار وإقدام صوامك في البحار ركبت الخيول وعلوت مراكب الإيفاد وستنزع في قسيك أعراقا ونزعا وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء ولقد رأتك الجبال فارتاعت وانحرف عنك شؤبوب السيل وتغيرت المهاوي تغيرا ورعبا رفعت أيديها وجلا وخوفا وسارت العساكر في بريق سهامك ولمعان نيازكك وتدوخ الأرض غضبا وتدوس الأمم زجرا لأنك ظهرت بخلاص أمتك وإنقاذ تراث آبائك (النص في حبقوق 3عدد 8-13 أنقل نصها من الكتاب كما يلي :
حبقوق3عدد 8: هل على الانهار حمي يا رب هل على الانهار غضبك او على البحر سخطك حتى انك ركبت خيلك مركباتك مركبات الخلاص. (9) عرّيت قوسك تعرية.سباعيّات سهام كلمتك.سلاه.شققت الارض انهارا. (10) ابصرتك ففزعت الجبال.سيل المياه طما.اعطت اللجّة صوتها.رفعت يديها الى العلاء. (11) الشمس والقمر وقفا في بروجهما لنور سهامك الطائرة للمعان برق مجدك. (12) بغضب خطرت في الارض.بسخط دست الامم. (13) خرجت لخلاص شعبك لخلاص مسيحك.سحقت راس بيت الشرير معرّيا الاساس حتى العنق.سلاه. (
SVD)
( هاهنا النبوؤة والنصوص ورادة لكن رفع منها اسم محمد - صلى الله عليه وسلم - كما هو واضح .. أقول . ومهما تكن في امرء من خليقة وان خالها تخفى عن الناس تعلم . أيوب2 )
* قالوا وهذا تصريح بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومن رام صرف نبوة حبقوق هذه عن محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد رام ستر النهار وحبس الأنهار وأنى يقدر على ذلك وقد سماه باسمه مرتين وأخبر بقوة أمته وسير المنايا أمامهم واتباع جوارح الطير آثارهم وهذه النبوة لا تليق إلا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ولا تصلح إلا له ولا تدل إلا عليه فمن حاول صرفها عنه فقد حاول ممتنعا وقد ذكر فيها مجيء نور الله من التيمن وهي ناحية مكة والحجاز فإن أنبياء بني إسرائيل كانوا يكونون من ناحية الشام ومحمد - صلى الله عليه وسلم - جاء من ناحية اليمن وجبال فاران هي جبال مكة كما قد تقدم بيان ذلك وهذا مما لا يمكن النزاع فيه * وأما امتلاء السماء من بهاء أحمد بأنوار الإيمان والقرآن التي ظهرت منه ومن أمته وامتلاء الأرض من حمده وحمد أمته في صلواتهم فأمر ظاهر فإن أمته هم الحمادون لا بد لهم من حمد الله في كل صلاة وخطبة ولا بد لكل مصل في كل ركعة من أن يقول ^ الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين ^ * فإذا قال * ^ الحمد لله رب العالمين ^ * قال الله حمدني عبدي * فإذا قال * ^ الرحمن الرحيم ^* قال أثنى علي عبدي * فإذا قال * ^ مالك يوم الدين ^ * قال مجدني عبدي * فهم يفتحون القيام في الصلاة بالتحميد ويختمونها بالتحميد وإذا رفعوا رؤوسهم من الركوع يقول إمامهم سمع الله لمن حمده ويقولون جميعا ربنا ولك الحمد ويختمون صلاتهم بتحميد يجعل التحيات له والصلوات والطيبات وأنواع تحميدهم لله مما يطول وصفه
فصل * قالوا وقال حزقيال وهو يهدد اليهود ويصف لهم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وإن الله مظهرهم عليكم وباعث فيكم نبيا ومنزل عليهم كتابا ومملكهم رقابكم فيقهرونكم ويذلونكم بالحق ويخرج رجال بني قيدار في جماعات الشعوب معهم ملائكة على خيل بيض متسلحين محيطون بكم وتكون عاقبتكم إلى النار نعوذ بالله من النار .
* وذلك أن رجال بني قيدار هم ربيعة ومضر أبناء عدنان وهما جميعا من ولد قيدار بن إسماعيل والعرب كلهم من بني عدنان وبني قحطان فعدنان أبو ربيعة ومضر وأنمار من ولد إسماعيل باتفاق الناس وأما قحطان فقيل هم من ولد إسماعيل وقيل هم من ولد هود ومضر ولد إلياس بن مضر وقريش هم من ولد إلياس بن مضر وهوازن مثل عقيل وكلاب وسعد بن بكر وبنو نمير وثقيف وغيرهم هم من ولد إلياس بن مضر * وهؤلاء انتشروا في الأرض فاستولوا على أرض الشام والجزيرة ومصر والعراق وغيرها حتى إنهم لما سكنوا الجزيرة بين الفرات ودجلة سكنت مضر في حران وما قرب منها فسميت ديار مضر وسكنت ربيعة في الموصل وما قرب منها فسميت ديار ربيعة.
فصل * وقال دانيال عليه السلام وذكر محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسمه فقال ستنزع في قسيك إغراقا وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء *
فهذا تصريح بغير تعريض وتصحيح ليس فيه تمريض * فإن نازع في ذلك منازع فليوجدنا آخر اسمه محمد له سهام تنزع وأمر مطاع لا يدفع
* وقال دانيال النبي أيضا حين سأله بخت نصر عن تأويل رؤيا رآها ثم نسيها رأيت أيها الملك صنما عظيما قائما بين يديك رأسه من ذهب وساعداه من الفضة وبطنه وفخذاه من النحاس وساقاه من الحديد ورجلاه من الخزف ورأيت حجرا لم تقطعه يد إنسان قد جاء وصك ذلك الصنم فتفتت وتلاشى وعاد رفاتا ثم نسفته الرياح فذهب وتحول ذلك الحجر فصار جبلا عظيما حتى ملأ الأرض كلها فهذا ما رأيت أيها الملك * فقال بخت نصر صدق فما تأويلها * قال دنيال أنت الرأس الذي رأيته من الذهب ويقوم بعدك ولداك اللذان رأيت من الفضة وهما دونك ويقوم بعدهما مملكة أخرى هي دونهما وهي شبه النحاس والمملكة الرابعة تكون قوية مثل الحديد الذي يدق كل شيء فأما الرجلان التي رأيت من خزف فمملكة ضعيفة وكلمتها مشتتة وأما الحجر الذي رأيت قد صك ذلك الصنم العظيم ففتته فهو نبي يقيمه الله إله السماء والأرض من قبيلة بشريعة قوية فيدق جميع ملوك الأرض وأممها حتى تمتلىء منه الأرض ومن أمته ويدوم سلطان ذلك النبي إلى انقضاء الدنيا فهذا تعبير عن رؤياك أيها الملك
دانيال:2عدد 31: انت ايها الملك كنت تنظر واذا بتمثال عظيم.هذا التمثال العظيم البهي جدا وقف قبالتك ومنظره هائل. 32 راس هذا التمثال من ذهب جيد.صدره وذراعاه من فضة.بطنه وفخذاه من نحاس. 33 ساقاه من حديد.قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف.
34 كنت تنظر الى ان قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما. 35 فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معا وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان.اما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلا كبيرا وملأ الارض كلها. 36 هذا هو الحلم.فنخبر بتعبيره قدام الملك. 37 انت ايها الملك ملك ملوك لان اله السموات اعطاك مملكة واقتدارا وسلطانا وفخرا. 38 وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعا.فانت هذا الراس من ذهب. 39 وبعدك تقوم مملكة اخرى اصغر منك ومملكة ثالثة اخرى من نحاس فتتسلط على كل الارض. 40 وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لان الحديد يدق ويسحق كل شيء وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسّر كل هؤلاء. 41 وبما رأيت القدمين والاصابع بعضها من خزف الفخّار والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث انك رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين. 42 واصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قويا والبعض قصما. 43 وبما رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين فانهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما ان الحديد لا يختلط بالخزف. 44 وفي ايام هؤلاء الملوك يقيم اله السموات مملكة لن تنقرض ابدا وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت الى الابد. 45 لانك رأيت انه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب.الله العظيم قد عرّف الملك ما سياتي بعد هذا.الحلم حق وتعبيره يقين. 46. حينئذ خرّ نبوخذناصّر على وجهه وسجد لدانيال وأمر بان يقدموا له تقدمة وروائح سرور. (SVD)
* فهذا نعت محمد - صلى الله عليه وسلم - لا نعت المسيح فهو الذي بعث بشريعة قوية ودق جميع ملوك الأرض وأممها حتى امتلأت الأرض منه ومن أمته في مشارق الأرض ومغاربها وسلطانه دائم لم يقدر أحد أن يزيله كما زال ملك اليهود وزال ملك النصارى عن خيار الأرض وأوسطها.
فصل * وقال دانيال النبي أيضا سألت الله وتضرعت إليه أن يبين لي ما يكون من بني إسرائيل وهل يتوب عليهم ويرد إليهم ملكهم ويبعث فيهم الأنبياء أو يجعل ذلك في غيرهم قال دانيال فظهر لي الملك في صورة شاب حسن الوجه فقال السلام عليك يا دانيال إن الله يقول إن بني إسرائيل أغضبوني وتمردوا علي وعبدوا من دوني آلهة أخرى وصاروا من بعد العلم إلى الجهل ومن بعد الصدق إلى الكذب فسلطت عليهم بخت نصر فقتل رجالهم وسبى ذراريهم وهدم بيت مقدسهم وحرق كتبهم وكذلك فعل من بعده بهم وأنا غير راض عنهم ولا مقيلهم عثراتهم فلا يزالون من سخطي حتى أبعث مسيحي ابن العذراء البتول فأختم
عليهم عند ذلك باللعن والسخط فلا يزالون ملعونين عليهم الذلة والمسكنة حتى أبعث نبي بني إسماعيل الذي بشرت به هاجر وأرسلت إليها ملاكي فبشرها فأوحي إلى ذلك النبي واعلمه الأسماء وأزينه بالتقوى وأجعل البر شعاره والتقوى ضميره والصدق قوله والوفاء طبيعته والقصد سيرته والرشد سنته أخصه بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتب وناسخ لبعض ما فيها أسري به إلي وأرقيه من سماء إلى سماء حتى يعلو فأدنيه وأسلم عليه وأوحي إليه ثم أرده إلى عبادي بالسرور والغبطة حافظا لما استودع صادعا بما أمر يدعو إلى توحيدي باللين من القول والموعظة لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق رؤوف بمن والاه رحيم بمن آمن به خشن على من عاداه فيدعو قومه إلى توحيدي وعبادتي ويخبرهم بما رأى من آياتي فيكذبونه ويؤذونه
* ثم سرد دانيال قصة رسول الله حرفا حرفا مما أملاه عليه الملك حتى وصل آخر أيام أمته بالنفخة وانقضاء الدنيا ونبوته كثيرة وهي الآن في أيدي النصارى واليهود يقرأونها * ومهما وصفنا مما ذكره الله من وصف هذه الأمة ونبيها واتصال مملكتهم بالقيامة قلت فهذه نبوة دانيال فيها البشارة بالمسيح والبشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وفيها من وصف محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته بالتفصيل ما يطول وصفه وقد قرأها المسلمون لما فتحوا العراق كما ذكر ذلك العلماء منهم أبو العالية ذكر أنهم لما فتحوا تستر وجدوا دانيال ميتا ووجدوا عنده مصحفا * قال أبو العالية أنا قرأت ذلك المصحف وفيه صفتكم ولحون كلامكم وكان أهل الناحية إذا أجدبوا كشفوا عن قبره فيسقون فكتب أبو موسى في ذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أن احفر بالنهار ثلاثة عشر قبرا وادفنه بالليل في واحد منها لئلا يفتتن الناس به.
فصل * قالوا وقال يوحنا الإنجيلي قال يسوع المسيح في الفصل الخامس عشر من إنجيله أن الفارقليط روح الحق الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء
يوحنا14عدد 26:واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم (
SVD)
* وقال يوحنا التلميذ أيضا عن المسيح أنه قال لتلاميذه إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد روح الحق الذي لمم يطق العالم أن يقتلوه لأنهم لم يعرفوه ولست أدعكم أيتاما لأني سآتيكم عن قريب
يوحنا14عدد 16: وانا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الابد. (17) روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله لانه لا يراه ولا يعرفه.واما انتم فتعرفونه لانه ماكث معكم ويكون فيكم. (18) لا اترككم يتامى.اني آتي اليكم. (
SVD)
* وقال يوحنا قال المسيح من يحبني يحفظ كلمتي وأبي يحبه وإليه يأتي وعنده يتخذ المنزل كلمتكم بهذا لأني عندكم مقيم والفارقليط روح الحق الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلت لكم أستودعتكم سلامي لا تقلق قلوبكم ولا تجزع فإني منطلق وعائد إليكم لو كنتم تحبوني كنتم تفرحون بمضيي إلى الأب فإن أنتم ثبتم في كلامي وثبت كلامي فيكم كان لكم كل ما تريدون وبهذا يمجد أبي
يوحنا14عدد 24:الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي.والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي ارسلني. (25) بهذا كلمتكم وانا عندكم. (26) واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم (27) سلاما اترك لكم.سلامي اعطيكم.ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا.لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب. (28) سمعتم اني قلت لكم انا اذهب ثم آتي اليكم.لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لاني قلت امضي الى الآب.لان ابي اعظم مني. (29) وقلت لكم الآن قبل ان يكون حتى متى كان تؤمنون. (30) لا اتكلم ايضا معكم كثيرا لان رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء. (
SVD)
* وقال أيضا إذا جاء الفارقليط الذي أبي أرسله روح الحق الذي من أبي هو يشهد لي قلت لكم هذا حتى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه يوحنا15عدد 26:ومتى جاء المعزي الذي سأرسله انا اليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. (
SVD)
* وقال أيضا إن خيرا لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فهو يوبخ العالم على الخطيئة وإن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي ويعرفكم جميع ما للأب * وقال يوحنا الحواري قال المسيح إن أركون العالم سيأتي وليس لي شيء
يوحنا16عدد 7:لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.لانه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزي.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. (8) ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. (9) اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي. (10) واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا. (11) واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين (12) ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن. (13) واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. (
SVD)
* وقال متى التلميذ قال المسيح ألم يقرأوا أن الحجر الذي أرذله البناءون صار رأسا للزاوية من عند الله كان هذا وهو عجيب في أعيننا ومن أجل ذلك أقول لكم إن ملكوت الله سيؤخذ منكم ويدفع إلى أمة أخرى تأكل ثمرها ومن سقط على هذا الحجر ينشرح وكل من سقط هو عليه يمحقه
متى21عدد 42: قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب.الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار راس الزاوية.من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في اعيننا. (43) لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل اثماره. (44) ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه (
SVD)
* وقال يوحنا التلميذ في كتاب رسائل التلاميذ المسمى بفراكسيس ( لم أجد ذلك الكتاب فراكسيس أو خارج نطاق معرفتي بكتب النصارى .أيوب2 ) يا أحبابي إياكم أن تؤمنوا بكل روح لكن ميزوا الأرواح التي من عند الله من غيرها واعلموا أن كل روح يؤمن بأن يسوع المسيح قد جاء فكان جسدانيا فهي من عند الله وكل روح لا تؤمن بأن يسوع المسيح جاء وكان جسدانيا فليست من عند الله بل من المسيح الكذاب الذي سمعتم به وهو الآن في العالم
* وقال شمعون الصفا رئيس الحواريين في كتاب فركسيس ( نفس الاشارة السابقة )أنه قد حان أن يبتدىء الحكم من بيت الله ابتداء.
* قلت وهذا اللفظ لفظ الفارقليط في لغتهم ذكروا فيه أقوالا قيل إنه الحماد وقيل إنه الحامد وقيل إنه المُعَّزِ وقيل إنه الحمد ورجح هذا طائفة وقالوا الذي يقوم عليه البرهان في لغتهم إنه الحمد والدليل عليه قول يوشع من عمل حسنة تكون له فارقليط
جيد أي حمد جيد وقولهم المشهور في تخاطبهم فارقليط وفارقليطان وما زاد على الجميع أي حمد ومنه كما نقول نحن يد ومنة ومن قال معناه المخلص فيحتجون بأنها كلمة سريانية ومعناها المخلص وقالوا هو مشتق من قولنا راوف ويقال بالسريانية فاروق فجعل فارق قالوا ومعنى ليط كلمة تزاد والتقدير كما يقال في العربية رجل هو وحجر هو وبدر هو وذكر هو قالوا وكذلك يزاد في السريانية ليط والذين قالوا هو المعز قالوا هو في لسان اليونان المعز * ويعترض على هذين القولين بأن المسيح لم تكن لغته سريانية ولا يونانية بل عبرانية ويجاب عنه بأنه تكلم بالعبرانية وترجم عنه بلغة أخرى كما أملوا أحد الأناجيل باليونانية والآخر بالرومية وواحدا بقي عبرانيا وأكثر النصارى على أنه المخلص والمسيح نفسه يسمونه المخلص وفي الإنجيل الذي بأيديهم أنه قال إني لم آتي لأزين العالم بل لأخلص العالم:
يوحنا12عدد 47:وان سمع احد كلامي ولم يؤمن فانا لا ادينه.لاني لم آت لادين العالم بل لاخلّص العالم. (
SVD)
والنصارى يقولون في صلاتهم لقد ولدت لنا مخلصا * وقد اختلف فيه فمن النصارى من قال هو روح نزلت على الحواريين وقد يقولون إنه ألسن نارية نزلت من السماء على التلاميذ ففعلت الآيات والعجائب ولهذا يقول من خبر أحوال النصارى إنه لم يرو أحدا منهم يحسن تحقيق مجيء هذا الفارقليط الموعود به * منهم من يزعم أنه المسيح نفسه لكونه جاء بعد الصلب بأربعين يوما وكونه قام من قبره وتفسيره بالروح باطل وأبطل منه تفسيره بالمسيح لوجوه * منها أن روح القدس ما زالت تنزل على الأنبياء والصالحين قبل المسيح وبعده وهذا مما اتفق عليه أهل الكتاب أن روح القدس نزلت على الأنبياء والصالحين قبل المسيح وبعده وليست موصوفة بهذه الصفات وقد قال تعالى * لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) المجادلة * وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت لما كان يهجو المشركين قال اللهم أيده بروح القدس وقال إن روح القدس معك ما زلت تنافح عن نبيه * وإذا كان كذلك ولم يسم أحد هذه الروح فارقليطا دل على أن الفارقليط أمر غير هذا وأيضا فمثل هذه ما زالت يؤيد بها الأنبياء والصالحون وما بشر به المسيح أمر عظيم يأتي بعده أعظم من هذا وأيضا فإنه وصف الفارقليط بصفات لا تناسب هذا وإنما تناسب رجلا يأتي بعده نظيرا له فإنه قال إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد يوحنا14عدد 16: وانا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الابد. (SVD)
فقوله فارقليطا آخر دل على أنه ثان لأول كان قبله ولم يكن معهم في حياة المسيح إلا هو لم تنزل عليهم روح فعلم أن الذي يأتي بعده نظيرا له ليس أمرا معتادا يأتي للناس * وأيضا فإنه قال يثبت معكم إلى الأبد وهذا إنما يكون لما يدوم ويبقى معهم إلى آخر الدهر ومعلوم أنه لم يرد بقاء ذاته فعلم أنه بقاء شرعه وأمره فعلم أن الفارقليط الأول لم يثبت معهم شرعه ودينه إلى الأبد وهذا يبين أن الثاني صاحب شرع لا ينسخ بخلاف الأول وهذا إنما ينطبق على محمد - صلى الله عليه وسلم - .
* وأيضا فإنه أخبر أن هذا الفارقليط الذي أخبر به يشهد له ويعلمهم كل شيء وأنه يذكركم كل ما قال المسيح وأنه يوبخ العالم على خطيئته يوحنا16عدد 8:ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. (
SVD) فقال والفارقليط الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلت لكم * وقال إذا جاء الفارقليط الذي أبي أرسله هو يشهد لي يوحنا15عدد 26:ومتى جاء المعزي الذي سأرسله انا اليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. (SVD) قلت لكم هذا حتى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه.
* وقال إن خيرا لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فهو يوبخ العالم على الخطيئة وإن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عند نفسه بل يتكلم بما يسمع ويخبر بكل ما يأتي ويعرفكم جميع ما للأب يوحنا16عدد 7:لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.لانه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزي.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. (
SVD)
* فهذه الصفات والنعوت التي تلقوها عن المسيح لا تنطبق على شيء في قلب بعض الناس لا يراه أحد ولا يسمع كلامه وإنما تنطبق على من يراه الناس ويسمعون كلامه فيشهد للمسيح ويعلمهم كل شيء ويذكرهم كل ما قال لهم المسيح ويوبخ العالم على الخطيئة ويرشد الناس إلى جميع الحق وهو لا ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبرهم بكل ما يأتي ويعرفهم جميع ما لرب العالمين * وهذا لا يكون ملكا لا يراه أحد ولا يكون هدى ولا علما في قلب بعض الناس بل لا يكون إلا إنسانا عظيم القدر يخاطب الناس بما أخبر به المسيح وهذا لا يكون إلا بشرا رسولا بل يكون أعظم من المسيح بين أنه يقدر على ما لا يقدر عليه المسيح ويعلم ما لا يعلمه المسيح ويخبر بكل ما يأتي وبما يستحقه الرب حيث قال إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله ولكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بما يأتي ويعرفكم جميع ما للأب .
* وهذه الصفات لا تنطبق إلا على محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن الإخبار عن الله بما هو متصف به من الصفات وعن ملائكته وعن ملكوته وعن ما أعده الله في الجنة لأوليائه وفي النار لأعدائه أمر لا يحتمل عقول كثير من الناس معرفته على التفصيل ولهذا قال علي حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتريدون أن يكذب الله ورسوله * وقال ابن مسعود ما من رجل يحدث قوما بحديث لا يبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم وسأل رجل ابن عباس عن قوله تعالى * اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) الطلاق
* قال ما يؤمنك أن لو أخبرتك بتفسيرها لكفرت وكفرك بها تكذيبك بها فقال لهم المسيح عليه السلام إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله وهو الصادق المصدوق في هذا لهذا ليس في الإنجيل من صفات الله وصفات ملكوته ومن صفات اليوم الآخر إلا أمور مجملة وكذلك التوراة ليس فيها من ذكر اليوم الآخر إلا أمور مجملة مع أن موسى كان قد مهد الأمر للمسيح ومع هذا فقد قال لهم المسيح إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله ثم قال ولكن إذا جاء روح الحق ذلك الذي يرشدكم إلى جميع الحق وقال إنه يخبركم بكل ما يأتي ويعرفكم بجميع ما للرب يوحنا16عدد 12: ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن. (13) واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. (SVD)
* فدل هذا على أن هذا الفارقليط هو الذي يفعل هذا دون المسيح وكذلك كان محمد - صلى الله عليه وسلم - أرشد الناس إلى جميع الحق حتى أكمل الله له الدين وأتم به النعمة ولهذا كان خاتم الأنبياء فإنه لم يبق شيء يأتي به غيره وأخبر محمد - صلى الله عليه وسلم - بكل ما يأتي من أشراط الساعة والقيامة والحساب والصراط ووزن الأعمال والجنة وأنواع نعيمها والنار وأنواع عذابها ولهذا كان في القرآن من تفصيل أمر الآخرة وذكر الجنة والنار وما يأتي من ذلك أمور كثيرة لاتوجد لا في التوراة ولا في الإنجيل وذلك تصديق قول المسيح إنه يخبر بكل ما يأتي
* ومحمد - صلى الله عليه وسلم - بعثه الله بين يدي الساعة كما قال بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصابعه السبابة والوسطى وكان إذا ذكر الساعة علا صوته واحمر وجهه واشتد غضبه كأنه منذر جيش وقال* ^ إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ^ * وقال أنا النذير * فأخبر من الأمور التي تأتي في المستقبل بما لم يأت به نبي من الأنبياء كما نعته به المسيح حيث قال إنه يخبركم بكل ما يأتي ولا يوجد مثل هذا قط عن أحد من الأنبياء قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - فضلا عن أن يوجد شيء نزل على قلب بعض الحواريين * وأيضا فقال ويعرفكم جميع ما للرب فبين أنه يعرف الناس جميع ما لله وذلك يتناول ما لله من الأسماء والصفات وما له من الحقوق وما يجب من الإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله بحيث يكون ما يأتي به جامعا لكل ما يستحقه الرب * وهذا لم يأت به أحد غير محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث يتضمن ما جاء به من الكتاب والحكمة هذا كله ومعلوم أن ما نزل على الحواريين لم يكن فيه هذا كله ولا نصفه ولا ثلثه بل ما جاء به المسيح أعظم مما جاء به الحواريون وهذا الفارقليط الثاني جاء بأعظم مما جاء به المسيح * وأيضا فالمسيح قال إذا جاء الفارقليط الذي أرسله أبي هو يشهد لي قلت لكم هذا حتى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه فبين أنه أخبرهم به ليؤمنوا به إذا جاء ولا يشكوا فيه وأنه يشهد له وهذه صفة من بشر به المسيح ويشهد للمسيح كما قال تعالى * وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) الصف
* وأخبر أنه يوبخ العالم على الخطيئة ولم يوجد أحد وبخ جميع العالم على الخطيئة إلا محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه أنذر جميع العالم من أصناف الناس ووبخهم على الخطيئة من الكفر والفسوق والعصيان وبخ جميع المشركين من العرب والهند والترك وغيرهم ووبخ المجوس وكانت مملكتهم أعظم الممالك ووبخ أهل الكتابين اليهود والنصارى وقال في الحديث الصحيح عنه إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب لم يقتصر على مجرد الأمر والنهي بل وبخهم وقرعهم وتهددهم
* وأيضا فإنه أخبر أنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع يوحنا16عدد 13:واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. (SVD)وهذا إخبار بأن كل ما يتكلم به فهو وحي يسمعه ليس هو شيئا تعلمه من الناس أو عرفه باستنباطه وهذه خاصة محمد - صلى الله عليه وسلم - * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)النجم * فإن المسيح ومن قبله من الأنبياء كانوا يتعلمون من غيرهم مع ما كان يوحى إليهم فعندهم علم غير ما يسمعونه من الوحي * ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لم ينطق إلا بما يسمعه من الوحي فهو مبلغ لما أرسل به وقد قيل له * يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) المائدة
* فضمن الله له العصمة إذا بلغ رسالاته فلهذا أرشد الناس إلى جميع الحق وألقى إلى الناس ما لم يمكن غيره من الأنبياء إلقاءه خوفا أن يقتلوه كما يذكرون عن المسيح وغيره * وقد أخبر المسيح بأنه لم يذكر لهم جميع ما عنده وأنهم لا يطيقون حمله وهم معترفون بأنه كان يخاف منهم إذا أخبرهم بحقائق الأمور ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أيده الله تأييدا لم يؤيده لغيره فعصمه من الناس حتى لم يخف من شيء يقوله وأعطاه من البيان والعلم ما لم يؤته غيره فالكتاب الذي بعث به فيه من بيان حقائق الغيب ما ليس في كتاب غيره * وأيد أمته تأييدا أطاقت به حمل ما ألقاه إليهم فلم يكونوا كأهل التوراة الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ولا كأهل الإنجيل الذين قال لهم المسيح إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكن لا تستطيعون حمله ولا ريب أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أكمل عقولا وأعظم إيمانا وأتم تصديقا وجهادا ولهذا كانت علومهم وأعمالهم القلبية وإيمانهم أعظم * وكانت العبادات البدنية لغيرهم أعظم قال تعالى * آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة * وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله قال قد فعلت * وأيضا فإنه أخبر عن الفارقليط أنه يشهد له وأنه يعلمهم كل شيء وأنه يذكرهم كل ما قاله المسيح ومعلوم أن هذا لا يكون إلا إذا شهد له شهادة يسمعها الناس لا يكون هذا شيئا في قلب طائفة قليلة ولم يشهد أحد للمسيح شهادة سمعها عامة الناس إلا محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه أظهر أمر المسيح وشهد له بالحق حتى سمع شهادته له عامة أهل الأرض وعلموا أنه صدق المسيح ونزهه عما افترته عليه اليهود وعما غلت فيه النصارى فهو الذي شهد له بالحق ولهذا لما سمع النجاشي من الصحابة ما شهد به محمد - صلى الله عليه وسلم - للمسيح قال لهم ما زاد عيسى على ما قلتم هذا العود.
* وجعل الله أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - شهداء على الناس يشهدون عليهم بما علموه من الحق إذ كانوا وسطا عدلا لا يشهدون بباطل فإن الشاهد لا يكون إلا عدلا بخلاف من جار في شهادته فزاد على الحق أو نقص منه كشهادة اليهود والنصارى في المسيح * وأيضا فإن معنى الفارقليط إن كان هو الحامد أو الحماد أو الحمد أو المعز فهذا الوصف ظاهر في محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه وأمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل حال وهو صاحب لواء الحمد والحمد مفتاح خطبته ومفتاح صلاته ولما كان حمادا جوزي بوصفه فإن الجزاء من جنس العمل فكان اسمه محمد وأحمد وأما محمد فهو على وزن مكرم ومعظم ومقدس وهو الذي يحمد حمدا كثيرا مبالغا فيه ويستحق ذلك فلما كان حمادا لله كان محمدا وفي شعر حسان بن ثابت
وشق له من اسمه ليجله ........ فذو العرش محمود وهذا محمد
* وأما أحمد فهو أفعل التفضيل أي أحق بأن يكون محمودا أكثر من غيره يقال هذا أحمد من هذا أي هذا أحق بأن يحمد من هذا فيكون فيه تفضيل له على غيره في كونه محمودا فلفظ محمد يقتضي فضله في الكمية ولفظ أحمد يقتضي فضله في الكيفية ومن الناس من يقول أحمد أي أكثر حمدا من غيره فعلى هذا يكون بمعنى الحامد والحماد * وقال من رجح أن معنى الفارقليط في لغتهم هو الحمد كما تقدم فإذا كان كذلك فهو ما جاء في القرآن * ^ ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ^.
* قالوا ولا شك عندهم أنه اسم مشتق من الحمد مثل ما نقول في لغتنا ضارب ومضروب وأما من فسره بالمعز فلم يعرف قط نبي أعز أهل التوحيد لله والإيمان كما أعزهم محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو أحق باسم المعز من كل إنسان * وأما معنى المخلص فهو أيضا ظاهر فيه فإن المسيح هو المخلص الأول كما ذكر في الإنجيل وهو معروف عند النصارى أن المسيح سمي مخلصا فيكون المسيح هو الفارقليط الأول وقد بشر بفارقليط آخر فإنه قال وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد فهذه بشارة بمخلص ثان يثبت معهم إلى الأبد والمسيح هو المخلص الأول وأما ما ينزل في القلوب فلم يسمه أحد مخلصا ولا فارقليطا فلا يجوز أن يفسر كلام المسيح إلا بلغته ومعانيه المعروفة التي خاطب بها وكذلك سائر الأنبياء بل وسائر الناطقين * وقد وصف هذا المخلص الثاني بأنه يثبت معهم إلى الأبد ومحمد - صلى الله عليه وسلم - هو المخلص الذي جاء بشرع باق إلى الأبد لا ينسخ .
* وأيضا فإن في الإنجيل إنجيل يوحنا أن المسيح قال أركون العالم سيأتي وليس لي شيء * وقد ذكروا أن الأركون بلغتهم العظيم القدر والأراكنة العظماء وقد كانوا يقولون عن المسيح إن أركون الشياطين يعينه متى9عدد 34: اما الفريسيون فقالوا برئيس الشياطين يخرج الشياطين (SVD) أي عظيم الشياطين وهو من افتراء اليهود على المسيح فقول المسيح عليه السلام أركون العالم إنما ينطبق على عظيم العالم وسيد العالم وكبير العالم وقد أخبر أنه سيأتي فامتنع أن يكون هذا الأركون المسيح أو أحدا مثله ولم يأت بعد المسيح من ساد العالم وأطاعه العالم غير محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذا من بشارة المسيح به * وقد سئل ما كان أول أمرك قال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورؤيا أمي رأت حين ولدتني أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام * وبالجملة فمعلوم باتفاق أهل الأرض أنه لم يأت بعد المسيح من ساد العالم باطنا وظاهرا وانقادت له القلوب والأجساد وأطيع في السر والعلانية في محياه وبعد مماته في جميع الأعصار وأفضل الأقاليم شرقا وغربا غير محمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الملوك يطاعون ظاهرا لا باطنا ولا يطاعون بعد موتهم ولا يطيعهم أهل الدين طاعة يرجون بها ثواب الله في الدار الآخرة ويخافون عقاب الله في الدار الآخرة بخلاف الأنبياء * ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أظهر دين الرسل قبله وصدقهم ونوه بذكرهم وتعظيمهم فبه آمن بالأنبياء والرسل قبل موسى والمسيح وغيرهما أمم عظيمة لولا محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يؤمنوا بهم ومن كان يعرف هؤلاء من أهل الكتاب كانوا مختلفين فيهم كاختلاف أهل الكتاب في المسيح وكانوا يقدحون في داود وسليمان وغيرهما بما هو معروف عندهم.
* وأيضا فإنه ذكر لهم من الرسل ما لم يكونوا يعرفونه مثل هود وصالح وشعيب وغيرهم * ومحمد - صلى الله عليه وسلم - صدق المسيح في أخباره بأنه أركون العالم فقال أنا سيد ولد آدم ولا فخر آدم فمن دونه تحت لوائي أنا خطيب الأنبياء إذا وفدوا وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا * وهو صاحب لواء الحمد وهو صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون يوم القيامة فهو سيد العالمين حقا وهذا
مطابق لقول المسيح إنه أركون العالم فهو أركون الآخرين في الدنيا والآخرة وهو أركون الأولين والآخرين في الآخرة * وقول المسيح إن أركون العالم سيأتي وليس لي شيء تضمن الأصلين إثبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإثبات التوحيد وأن الأمر كله لله وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقول المسيح ليس لي شيء تنزيه له مما نسب إليه من الربوبية وهذا النفي يشترك فيه جميع الخلق قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - * ^ ليس لك من الأمر شيء ^ * وقال تعالى * قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) الأنعام
* وقال * قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (24) الجن^
* وقال تعالى * قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الأعراف * وأيضا ففي نبوة أشعياء أنه وصف محمدا - صلى الله عليه وسلم - بأنه أركون السلم والسلم والسلام الإسلام فهو يبين أنه سيد دين الإسلام ولا ريب أن الأنبياء كلهم بعثوا بدين الإسلام لكن لم يظهر هذا الدين واسمه وانتشر ذكر دين الإسلام في الأرض كما ظهر لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فمحمد - صلى الله عليه وسلم - أركون الإسلام الذي يجمع كل خير وبر كما أن إبليس أركون الشر قال تعالى عن نوح * وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) يونس
* فهذا نوح أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض يذكر أنه أمر أن يكون من المسلمين * وقالت السحرة لما أسلموا وأراد فرعون قتلهم * ^ ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ^ * وقال إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) المائدة * وقال تعالى * وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) المائدة
* فإن قيل فقد سمى المسيح الفارقليط روح الحق وسماه روح القدس وقال تعالى عن إبراهيم * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) البقرة
* وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) يونس
* وقالت بلقيس * ^ رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ^
* قيل قد قال يوحنا في كتاب أخبار الحواريين المسمى افراكسيس يا أحبابي إياكم أن تؤمنوا بكل روح لكن ميزوا الأرواح التي من عند الله من غيرها واعلموا أن كل روح تؤمن بأن يسوع المسيح قد جاء فكان جسدانيا فهي من عند الله وكل روح لا تؤمن بأن المسيح جاء وكان جسدانيا فليست من عند الله بل من المسيح الكذاب الذي هو الآن في العالم * وإذا كان كذلك علم أن الروح عندهم يتناول النبي المرسل من البشر وجبريل الذي نزل بالوحي على محمد - صلى الله عليه وسلم - هو روح القدس وهو روح الحق كما قال تعالى * ^ قل نزله روح القدس من ربك بالحق ^ * وقال * ^ نزل به الروح الأمين على قلبك ^ * وقال * ^ من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله ^ * وهذا الروح إنما جعله بمجيء محمد - صلى الله عليه وسلم - والكلام الذي نزل به هو الذي بلغه محمد - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قال الله * اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)* فاصطفى الله جبريل من الملائكة واصطفى محمدا - صلى الله عليه وسلم - من البشر ولهذا يضاف القول الذي هو القرآن إلى قول هذا تارة وإلى قول هذا تارة كما قال تعالى * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)* فهذا الرسول هنا جبريل وقال تعالى في الآية الأخرى * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)الحاقة * فهذا الرسول هنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأضافه إلى كل منهما بلفظ الرسول لتضمنه أنه بلغه عن مرسله لم يقل إنه لقول ملك ولا نبي بل كفر من قال إنه قول البشر كما ذكر ذلك عن التوحيد وقد قال تعالى في القرآن * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (10) رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً (11) الطلاق * ومعلوم أن الرسول نفسه لم ينزل بل أبدل الرسول من الذكر لأن الرسول جاء بالذكر * ولما كان الرسول الملكي والرسول البشري والذكر
المنزل أمورا متلازمة يلزم من ثبوت واحد ثبوت الآخرين ومن الإيمان بواحد الإيمان بالآخرين فيلزم من كون القرآن حقا كون جبريل ومحمد - صلى الله عليه وسلم - حقا وكذلك يلزم من كون محمد - صلى الله عليه وسلم - حقا كون جبريل والقرآن حقا ويلزم من كون جبريل حقا كون القرآن ومحمد - صلى الله عليه وسلم - حقا * ولهذا جمع الله بين الإيمان بالملائكة والكتب والرسل في مثل قوله * آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ^
* فتعليم محمد - صلى الله عليه وسلم - وتذكيره وشهادته هو تعليم روح القدس وروحه والأخبار بأن الملك ينطق على لسان البشر أو الجني ينطق على لسان البشر كثير كما في حديث ابن عمر كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر ويقال ما ألقى هذا على لسانك إلا الشيطان ويكون مع هذا البشر ينطق بقدرته واختياره ليس هو كالمصروع الذي يتكلم الجني على لسانه وهو لايدري ما يقول فلهذا يقال هذا قول الرسول البشري وهو قول الرسول الملكي * ويقال الفارقليط روح الحق وروح القدس يشهد لي وهو
يعلمكم وهو يذكركم ونحو ذلك فإن الفارقليط يتضمن ذكر جبريل ومحمد - صلى الله عليه وسلم - جميعا وقول أحدهما هو قول الآخر ومعروف في اللغة بدل الاشتمال كقوله * ^ يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ^ * والشهر ليس هو نفس القتال لكن لما اشتمل على القتال أبدل أحدهما من الآخر وقوله * ^ قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ^ * ومن هذا النمط أبدل الرسول من الذكر لاشتماله عليه وهذا الثاني اشتمل على الأول والرسول البشري كان الرسول الملكي يتصل به في الباطن فيثقل عليه الوحي حين ينزله * وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام قال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي قال أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا * والفصم الفك والفصل من الأمور اللينة كما قال* فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)البقرة وبالقاف هو الكسر الذي يكون في الأمور الصلبة * فبين أن الملك حين ينزل الوحي عليه يتصل به ويلتبس به ثم بعد ذلك ينفصل عنه وينفك عنه وهذا الاشتمال والانفصال أبلغ من غيره فيحسن معه أن يكون إبدال أحدهما من الآخر أحسن من غيره فيقال هذا القرآن بلغه الرسول النبي وبلغه جبريل عن الله ونظائر هذا متعددة في جميع بشارات المسيح يذكر أن الأب وهو في لغتهم الله الذي يرسل الفارقليط وفي بعضها قال أنا أطلب من الأب يعطيكم فارقليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد وفي بعضها والفارقليط روح الحق الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء فقد بين أن الله يرسله وأنه يطلب من الله أن يرسله * وأما قوله في بعض الألفاظ فإذا انطلقت أرسلته إليكم فيكون معناه إني أرسله بدعاء أبي وطلبي منه أن يرسله كما يطلب الطالب من ولي الأمر أن يرسل رسولا أو يولي نائبا أو يعطي أحدا ويقول أنا أرسلت هذا ووليت هذا وأعطيت هذا أي كنت سببا في ذلك ومما ينبغي أن يعلم أن الله إذا قضى ما يكون الشيء فإنه يقدر له أسبابا يكون بها ومن تلك الأسباب دعاء طائفة من عباده به فيكون في ذلك من النعمة في إجابته دعاء هذا وهذا وهذا * ومحمد - صلى الله عليه وسلم - دعا به الخليل عليه السلام فقال * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)البقرة
* مع أن الله قضى بإرساله وأعلن باسمه قبل ذلك كما قيل له يا رسول الله متى كنت نبيا قال وآدم بين الروح والجسد وقال إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته.
* وهذا كما أن الله قضى بنصره يوم بدر ومن أسباب ذلك استغاثته بالله وكذلك بما يقضيه من إنزال الغيث يكون من أسبابه دعاء عباده له ونظائره كثيرة فلا يمتنع أن يكون المسيح سأل ربه بعد صعوده أن يرسل محمدا - صلى الله عليه وسلم - ويكون هذا من أسباب إرساله لكن إبراهيم سأل في الدنيا فذكر الله ذالك بخلاف سؤال المسيح فإنه كان بعد صعوده إلى السماء.
هذا ما نقلناه من كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الاسلام بن تيمية رحمة الله عليه
وجزاه الله عنا وعن الإسلام كل خير وقد نقلناه كما جاء في كتابه ولم نغير في نص كلامه أي شئ إلا أني قد أضفت الفقرات التي ذكرها الشيخ من الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم وقد وضعت لها اللون البني لفقرات العهد القديم , واللون الأخضر لفقرات العهد الجديد واللون الأزرق لآيات الذكر الحكيم القرآن وكان الغرض من ذلك التعديل أن يستطيع القارئ أن يُميز المكتوب بسهولة ويسر وأن يجد الفقرات مرقمة حسب أعدادها في الكتابين , وأحب أن اوضح هنا وإن كانت الفكرة عجيبة لإخواني المسلمين لكن من الواضح البين أن ماذكره الشيخ من آيات قرآنية حرفياً كما هي موجودة في المصحف الشريف بعكس ما حدث مع فقرات الكتاب المقدس فمنها مالم نجده في الكتاب ومنها ما بدل لفظه وحرفه ومعناه ليخالف ما كان عليه ويغير ما كان مقصوداً منه. علماً بأن هذا الكتاب قد وضع قبل أكثر من سبعمائة وخمسون سنة لتعلم الفرق بين القرآن وما سواه مِن كُتُب فليعتبر العقلاء ووالله إن الحق لواضح بَيّن صريح جلي كقرص الشمس ولا جدال فيه ولكن الذين كفروا بآيات الله يجحدون.
أريد ان أقول إن ما جاء من بشارات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتب القوم مازالت باقية واضحة جلية حتى بعد التبديل والتحريف والتغيير والتبديل ولا مهرب منها , وقد صدق الله إذ يقول في كتابه الكريم ((الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) البقرة
لقد وضعت هذا الجزء المقتبس من الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الاسلام بن تيمية ليس لأن ما يحويه هو جديد ولكن لفت نظري فيه أشياء عدة منها أنه هناك لعب بالنصوص من قبل من نقلوا لنا الكتاب المقدس الذي يدعون انه لم ولن يحرف وأن ماذكره الشيخ نقلاً عن كتب القوم يختلف عما هو بين ايدينا الآن وهذا الأمر ليس عجيباً بقدر ما يبعث على الحزن والأسى فالقوم لا يألون جهداً في طمس الحقائق وتبديل وتغيير كل ما يمكن أن يصل بالناس إلى الإسلام . ومنها أن كل لفظ ذكر فيه إسم الرسول قد حذفوه . وأنه كان هناك نبؤات عن سيدنا المسيح أيضاً وحذفت من الكتاب فليس الأمر مقتصر على سيدنا محمد فقط ولكن على يسوع ومنها أن الكتاب قديماً لم يكن مرقماً مفهرساً , ومنها ان صياغة العبارات تختلف وتتغير بحيث يتغير معناها والكثير الكثير من الأشياء وجدتها في هذا الكتاب . ووالله إن الأمر فعلاً ليبعث على الحزن والأسى أن تجد كل هؤلاء الناس يؤمنون بكتاب محرف ومازالوا وهم يؤمنون به يحرفون فيه ويغيروا فيه فتأتي أجيال خلف أجيال وأمم خلف أمم تضيع وتقع في لُجات الجحيم وصدق قول الله (((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الآعراف
ومهما نصحنا القوم ومهما حاولنا أن نهديهم طريق الحق ونبين لهم أن هذا الكتاب محرف وأن الإسلا م هو دين الحق ولا مهرب فما من مستمع وما من مجيب ولكنك للأسف الشديد بعد كل هذا تجد من يطعن في الإسلام وفي النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وكلما ظهر الحق أمامهم زادوا في السب وزادوا في الطعن فمثلهم كما قال الله عنهم(( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)الأعراف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق